للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

شيء من ذلك؛ وقالوا: إنما قتلهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وقَطَعَ أيديهم؛ لأنهم أخذوا المالَ؛ ومن أخذ المالَ وقَتَلَ، قُطِعَ وقُتِلَ، وصُلِبَ حتمًا؛ فَيُقتَلُ لِقتله ويُقطع لِأخذه المال يَدُه ورجلُه من خِلاف، ويُصلَبُ لجمعه بين الجنايتين وهما القتلُ وأخذُ المال، وهذا قول الحسن، ورواية عن أحمد.

وإنما سَمَلَ أعينهم؛ لأنهم سملوا أعينَ الرعاة كذا خرَّجه مسلم من حديثِ أنس، وذكر ابنُ شهابٍ أنهم قتلوا الراعي، ومَثَّلوا به، وذكر ابن سعد أنهم قطعوا يدَه ورجله، وغرسوا الشوكَ في لسانه وعينيه حتى مات، وحينئذ، فقد يكونُ قطعُهم، وسملُ أعينهم، وتعطيشُهم قصاصًا، وهذا يتخرَّجُ على قول مَنْ يقولُ: إن المحاربَ إذا جنى جنايةً توجبُ القصاصَ استُوفيت منه قبل قتله، وهو مذهب أحمد. لكن هل يستوفى منه تحتمًا كقتله أم على وجه القصاص، فيسقط بعفو الولي؟ على روايتين عنه، ولكن رواية الترمذي أن قطعَهُم من خلاف يدلُّ على أن قطعهم للمحاربة إلا أن يكونوا قد قطعوا يدَ الراعي ورجلَه من خلاف والله أعلم.

وقد رُوي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كان أَذِنَ في التحريق بالنار، ثم نهى عنه كما في "صحيح البخاري" (١) عن أبي هريرة قال: بعثنا رسولُ اللُه - صلى الله عليه وسلم - في بعث فقال: "إن وَجَدتُم فلانًا وفلانًا - لرجلين من قريشٍ - فأحرقوهما بالنار" ثمَّ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين أردنا الخروجَ: "إني كنتُ أمرتُكم أن تحرِقوا فلانًا وفُلانًا بالنار، وإن النارَ لا يُعذِّبُ بها إلا اللُه، فإن وجدتموهما فاقتلوهما".

وفيه (٢) أيضًا عن ابن عبَّاسٍ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُعذِّبُوا بعذاب الله عزَّ وجل".


(١) رقم (٣٠١٦).
(٢) رقم (٣٠١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>