للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النحل: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: ١٢٨].

وكتب رجلٌ من السلف إلى أخٍ له: أوصيك بتقوى الله، فإنها أكرم ما أسررتَ، وأزينُ ما أظهرتَ، وأفضلُ ما ادَّخرتَ، أعاننا الله وإيَّاكَ عليها، وأوجب لنا ولك ثوابَها.

وكتب رجلٌ منهم إلى أخٍ له: أُوصيكَ وأنفسَنا بالتقوى، فإنها خيرُ زادِ الآخِرَةِ والأولى، واجعلها إلى كلِّ خيرٍ سبيلَك، ومِن كلِّ شرٍّ مهرَبك، فقد توكل الله عزَّ وجلَّ لأهلها بالنجاة مما يحذرون، والرزق من حيث لا يحتسبون.

وقال شعبة: كنتُ إذا أردتُ الخروجَ، قلتُ للحكم: ألك حاجةٌ، فقال: أوصيك بما أوصى به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - معاذَ بنَ جبل: "اتَّقِ الله حيثُما كُنتَ، وأتْبِع السَّيِّئة الحَسَنة تَمحُها، وخَالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ". وقد ثبت عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقولُ في دعائه: "اللَّهُمَّ إني أسألُكَ الهُدى والتُّقى والعِفَّةَ والغِنَى" (١).

وقال أبو ذرٍّ: قرأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢]، ثم قال: "يا أبا ذرٍّ لو أن النَّاسَ كُلَّهم أخذوا بها لكَفَتهم" (٢).

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اتق الله حيثما كُنت" مراده في السير والعلانية حيث يراه الناسُ وحيث لا يرونه، وقد ذكرنا من حديث أبي ذر أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أُوصيك بتقوى الله في سرِّ أمرك وعلانيته"، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: "أسألك خشيتَك في الغَيبِ والشَّهادة" (٣) وخشية الله في الغيب والشهادة هي من المنجيات.


(١) رواه مسلم (٢٧٢١) من حديث عبد الله بن مسعود، وفيه "العفاف بدل العفة.
(٢) رواه أحمد ٥/ ١٧٨ - ١٧٩، وابن ماجه (٤٢٢٠) من طريقين، عن كَهمس بن الحسين، حدثنا أبو السليل، عن أبي ذر، وهذا سند رجاله ثقات إلا أن أبا السليل لم يدرك أبا ذر، فهو منقطع.
(٣) قطعة من حديث صحيح مطول رواه النسائي ٣/ ٥٤ - ٥٥ وغيره من حديث عمار بن ياسر، وصححه ابن حبان (١٩٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>