وأن تَخلِطُوا الرغبةَ بالرهبة، وتجمعوا الإلحافَ بالمسألة، فإن الله عز وجل أثنى على زكريا وأهل بيته، فقال:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}(١)[الأنبياء: ٩٥].
ولمَّا حضرته الوفاةُ، وعهد إلى عمر، دعاه، فوصَّاهُ بوصيةٍ، وأوَّلُ ما قالَ له: اتقِ الله يا عمر.
وكتب عُمَرُ إلى ابنه عبد الله: أما بعدُ، فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل، فإنه من اتقاه وقاه، ومَنْ أقرضه جزاه، ومَنْ شكره زاده، فاجعل التقوى نصبَ عينيك وجلاء قلبك.
واستعمل عليُّ بن أبي طالب رجلًا على سَريَّة، فقال له: أوصيك بتقوى الله الذي لا بُدَّ لك من لقائه، ولا منتهى لك دونَه وهو يَملِكُ الدنيا والآخرة.
وكتب عُمَرُ بنُ عبد العزيز إلى رجل: أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لا يقبلُ غَيْرَها، ولا يَرحَمُ إلَّا أهلَها، ولا يُثيبُ إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل، جعلنا الله وإيَّاك من المتقين.
ولما وُلِّي خطب، فحَمِد الله، وأثنى عليه، وقال: أوصيكُم بتقوى الله عزَّ وجل، فإن تقوى الله عزَّ وجلَّ خَلفٌ من كلِّ شيءٍ، وليس من تقوى الله خَلَفٌ.
وقال رجل ليونس بن عُبيد: أوصني، فقال: أوصيك بتقوى الله والإحسانِ.
فإن الله مَعَ الذين اتَّقَوا والَّذينَ هُمْ مُحسِنُون.
وقال له رجل يُريدُ الحجّ: أوصني، فقال له: اتَّقِ الله، فمن اتقى الله، فلا وحشة عليه.
وقيل لرجل من التابعين عندَ موته: أوصنا، فقال: أوصيكم بخاتمة سورةِ
(١) الخبر في "المصنف" لابن أبي شيبة ١٣/ ٢٥٨، ورواه من طريقه الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٣٨٣، وأبو نعيم في "الحلية" ١/ ٣٥، وصححه الحاكم، ورده الذهبي بقوله: عبد الرحمن بن إسحاق كوفي ضعيف.