للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من تابَ إلى الله، تاب الله عليه، وغفر له، فبقي مَنْ لم يتُبْ داخلًا تحت المشيئة.

وأيضًا، فيدلُّ على أن الكبائرَ لا تكفِّرُها الأعمالُ: أنَّ الله لم يجعلْ للكبائر في الدُّنيا كفَارة واجبةً، وإنما جعلَ الكفارةَ للصغائر ككفَّارةِ وطءِ المُظاهِرِ، ووطءِ المرأة في الحيض على حديث ابن عباس (١) الذي ذهب إليه الإمامُ أحمد وغيرُه، وكفارة من ترك شيئًا من واجبات الحج، أوِ ارتكب بعضَ محظوراته، وهي أربعةُ أجناس: هديٌ، وعِتقٌ، وصدقةٌ، وصيامٌ، ولهذا لا تجب الكفارة في قتل العمدِ عندَ جمهور العلماءِ، ولا في اليمين الغموس (٢) أيضًا عند أكثرهم، وإنَّما يؤمرُ القاتلُ بعتق رقبة استحبابًا، كما في حديث واثلة بن الأسقع أنَّهم جاؤوا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صاحبٍ لهم قد أوجب، فقال: "أعتِقُوا عنه رقبةً يعتقه الله بها مِن النار" (٣). ومعنى أوجب: عَمِلَ عملًا يجب له به النارُ، ويقال: إنه كان قتل قتيلًا. وفي "صحيح مسلم" (٤) عن ابن عمر أنه ضرب عبدًا له، فأعتقه وقال:


(١) رواه أبو داود (٢٦٤) والنسائي ١/ ١٥٣، والترمذي (١٣٦) و (١٣٧) وابن ماجه (٦٤٠) وأحمد ١/ ٢٣٠، والدارمي ١/ ٢٥٤، وابن الجارود في "المنتقى" (١٠٨) والدارقطني في "سننه" ٣/ ٢٨٧ عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: "يتصدق بدينار أو نصف دينار" وإسناده صحيح، وصححه الحاكم ١/ ١٧١ - ١٧٢ ووافقه الذهبي، وصححه أيضًا ابن القطان، وابن دقيق العيد، والحافظ في تلخيص الحبير" ١/ ١٦٥ - ١٦٦، وقد ثبت تفسيره عن ابن عباس عند أبي داود (٢٦٥) فقال: إذا أصابها في أول الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم، فنصف دينار.
(٢) اليمين الغموس: هي أن يحلف الرجل وهو يعلم أنه كاذب، ليقتطع بها مال أخيه، وسميت غموسًا، لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار.
(٣) رواه أحمد ٣/ ٤٩٠ - ٤٩١ و ٤/ ١٠٧، وأبو داود (٣٩٦٤)، وصححه ابن حبان (٤٣٠٧).
(٤) برقم (١٦٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>