للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ليس لي فيه مِنَ الأجرِ مثل هذا - وأخذ عودًا من الأرض - إني سمعت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ لطَمَ مملوكَه، أو ضربه، فإن كفارتَه أن يَعتِقَهُ".

فإن قيل: فالمجامِعُ في رمضان يُؤمَرُ بالكفَّارةِ، والفطرُ في رمضان مِنَ الكبائرِ، قيل: ليست الكفارة للفطر، ولهذا لا تجب عندَ الأكثرين على كلِّ مفطر في رمضان عمدًا، وإنَّما هي لِهَتْكِ حُرمةِ نهار رمضان بالجِماع، ولهذا لو كان مفطرًا فطرًا لا يجوزُ له في نهار رمضان، ثمَّ جامع، للزمته الكفارةُ عند الإِمام أحمد لما ذكرنا.

وممَّا يدلُّ على أن تكفيرَ الواجبات مختصٌّ بالصَّغائر ما خرَّجه البخاري عن حُذيفة، قال: بَيْنا نحن جلوسٌ عند عمرَ، إذ قال: أيكم يحفظُ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة؟ قال: قلتُ: "فتنةُ الرجل في أهله وماله وولده وجارِه يُكَفِّرُها الصلاةُ والصدقةُ والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر" قال: ليس عن هذا أسألُك. وخرجه مسلم بمعناه، وظاهر هذا السياق يقتضي رفعَه، وفي رواية للبخاري أن حذيفة قال: سمعتُه يقول: "فتنة الرجل" فذكره، وهذا كالصريح في رفعه، وفي رواية لمسلم أن هذا من كلام عمر (١).

وأما قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - للذي قال له: أصبتُ حدًّا، فأقمه عليَّ، فتركه حتى صلى، ثم قال له: "إن الله غفر لك حَدَّك" (٢)، فليس صريحًا في أن المراد به شيء مِنَ الكبائر، لأن حدود الله تعالى محارمه كما قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: ١]، وقوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: ٢٢٩]، وقوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ


(١) رواه البخاري (٥٢٥) و (١٤٣٥) و (١٨٩٥) و (٣٥٨٦) و (٧٠٩٦) ومسلم (١٤٤) وص ٢٢١٨، وصححه ابن حبان (٥٩٦٦)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٢) تقدم تخريجه، وهو صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>