للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جَنَّاتٍ} الآية إلى قوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: ١٣ - ١٤].

وفي حديث النواس بن سمعان (١)، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ضرب مثل الإسلام بالصراط المستقيم الذي على جنبتيه سُوران، قال: "والسورانِ حُدودُ الله". وقد سبق ذكره بتمامه (٢).

فكلُّ من أصاب شيئًا من محارم الله، فقد أصابَ حدودَه، وركبها، وتعدَّاها. وعلى تقديرِ أن يكونَ الحدُّ الذي أصابه كبيرةً، فهذا الرجل جاء نادمًا تائبًا، وأسلم نفسه إلى إقامةِ الحدِّ عليه، والندمُ توبة، والتوبةُ تكفرُ الكبائرَ بغير تردد، وقد رُوي ما يُستدلُّ به على أن الكبائر تكفَّرُ ببعض الأعمال الصالحة، فخرَّجَ الإمامُ أحمد والترمذيُّ من حديث ابن عمر أن رجلًا أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ الله، إني أصبتُ ذنبًا عظيمًا، فهل لي من توبة؟ قال: "هل لك مِنْ أمٍّ؟ " قال: لا، قال: "فهل لك من خالةٍ؟ " قال: نعم، قال: "فبِرَّها" (٣)، وخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال: على شرط الشيخين، لكن خرَّجه الترمذي من وجهٍ آخر مرسلًا، وذكر أن المرسلَ أصحُّ من الموصول، وكذا قال عليُ بنُ المديني والدارقطني.

وروي عن عمرَ أن رجلًا قال له: قتلتُ نفسًا، قال: أمُّك حية؟ قال: لا، قال: فأبوك؟ قال: نعم، قال: فبِرَّه وأحسن إليه، ثم قال عمر: لو كانت أمُّه حيَّةً فبرَّها، وأحسن إليها، رجوتُ أن لا تطعَمه النارُ أبدًا. وعن ابن عباس معناه أيضًا (٤).


(١) في الأصول كلها "العرباض بن سارية" وهو سبق قلم من المؤلف رحمه الله.
(٢) حديث حسن وقد تقدم تخريجه.
(٣) رواه أحمد ٣/ ١٢ - ١٤، والترمذي (١٩٠٥) وابن حبان (٤٣٥) والحاكم ٤/ ١٥٥.
(٤) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (٤) وإسناده صحيح على شرط الشيخين ولفظه: عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>