للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فهاتان درجتان للمؤمن بالقضاء والقدر في المصائب:

إحداهما: أن يرضى بذلك، وهذه درجةٌ عاليةٌ رفيعة جدًّا، قال الله عزَّ وجلَّ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١]. قال علقمة: هي المصيبة تصيبُ الرَّجلَ، فيعلم أنَّها من عند الله، فيسلِّمُ لها ويرضى.

وخرَّج الترمذي (١) من حديث أنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله إذا أحبّ قومًا ابتلاهم، فمن رضي، فله الرضا، ومن سخط فله السخط"، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: "أسأَلكَ الرِّضا بعد القضاء" (٢).

وممَّا يدعو المؤمن إلى الرِّضا بالقضاء تحقيقُ إيمانه بمعنى قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له: إن أصابته سرَّاء شكر، كان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر، كان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن " (٣).

وجاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فسأله أن يُوصيه وصيَّةً جامعةً موجَزةً، فقال: "لا تتَّهم الله في قضائه" (٤).

قال أبو الدرداء: إنَّ الله إذا قضى قضاءً أحبَّ أن يُرضى به، وقال ابن


(١) رقم (٢٣٩٦)، وحسنه وهو كما قال.
(٢) قطعة من حديث صحيح مطول رواه عن عمار بن ياسر النسائي ٣/ ٥٤ - ٥٥، والحاكم ١/ ٥٢٤ - ٥٢٥، وصححه ابن حبان (١٩٧١).
(٣) رواه من حديث صهيب أحمد ٤/ ٣٣٢ و ٣٣٣ و ٦/ ١٥، ومسلم (٢٩٩٩)، والدارمي ٢/ ٣١٨، وصححه ابن حبان (٢٨٩٦).
(٤) رواه بنحوه أحمد ٤/ ٢٠٤ من حديث عمرو بن العاص، وفيه رشدين بن سعد، وهو ضعيف، ورواه أيضًا ٥/ ٣١٨ - ٣١٩ من حديث عبادة بن الصامت، وفيه عبد الله بن لهيعة، وهو سيء الحفظ. وانظر "مجمع الزوائد" ١/ ٥٩ - ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>