للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أنَّه قد رُويَ من وجه آخر عن أبي مسعود من رواية مسروق عنه (١).

وخرَّجه الطبراني من حديث أبي الطفيل، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أيضًا (٢).

فقولُه - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ ممَّا أدرك الناسُ من كلام النبوَّةِ الأولى" يشيرُ إلى أن هذا مأثورٌ عن الأنبياء المتقدمين، وأنَّ الناس تداولوه بينهم، وتوارثوه عنهم قرنًا بعد قرنٍ، وهذا يدلُّ على أن النبوات المتقدِّمة جاءت بهذا الكلام، وأنه اشتهر بَيْنَ الناسِ حتَّى وصل إلى أوَّل هذه الأمة. وفي بعض الروايات قال: "لم يدركِ الناسُ مِنْ كلام النبوَّةِ الأولى إلَّا هذا". خرَّجها حميدُ بن زنجويه وغيره.

وقوله: "إذا لم تستحي، فاصنع ما شئت" في معناه قولان:

أحدهما: أنه ليس بمعنى الأمر أن يصنع ما شاء، ولكنه على معنى الذمِّ والنهي عنه، وأهل هذه المقالة لهم طريقان:

أحدهما: أنه أمرٌ بمعنى التهديد والوعيد، والمعنى: إذا لم يكن لك حياء، فاعمل ما شئت، فإن الله يجازيك عليه، كقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: ٤٠]، وقوله: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: ١٥]، وقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "من باع الخمر، فَليُشَقِّص الخنازير" (٣) يعني ليقطعها إما لبيعها


(١) رواه عبد الرزاق (٢٠١٤٩)، وإسناده صحيح.
(٢) رواه الطبراني في "الأوسط" وذكره الهيثمي في "المجمع" ٨/ ٢٧، وقال: فيه من لم أعرفهم.
(٣) رواه من حديث المغيرة بن شعبة بن أبي شيبة ٦/ ٤٤٥ - ٤٤٦، وأحمد ٤/ ٢٥٣ وأبو داود (٣٤٨٩)، والبيهقي ٦/ ١٢، والمزي في "تهذيب الكمال" ١٣/ ٣٨٥، وفيه عمر بن بيان التغلبي، لم يوثقه غير ابن حبان. وقوله: "فليشقص الخنازير" قال ابن الأثير: أي: فليقطعها قطعًا، ويفصلها أعضاء كما تفصل الشاة إذا بيع لحمها، يقال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>