للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أو لأكلها، وأمثلته متعدِّدة، وهذا اختيارُ جماعة منهم أبو العباس ثعلب.

والطريق الثاني: أنه أمر، ومعناه: الخبر، والمعنى: أن من لم يستحي، صنع ما شاء، فإن المانعَ من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياءٌ، انهمك في كلِّ فحشاء ومنكر، وما يمتنع من مثله من له حياء على حدِّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَذَب عليَّ فليتبوَّأ مقعده من النارِ" (١)، فإن لفظه لفظُ الأمر، ومعناه الخبر، وأن من كذب عليه تبوأ مقعده من النار، وهذا اختيارُ أبي عبيد (٢) القاسم بن سلام رحمه الله، وابنِ قتيبة، ومحمدِ بن نصر المروزي وغيرهم، وروى أبو داود عن الإِمام أحمد ما يدلُّ على مثل هذا القول.

وروى ابنُ لهيعة عن أبي قَبيل، عن عبد الله بن عمرو، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا أبغض الله عبدًا، نزَعَ مِنْهُ الحَياءَ، فإذا نزع منه الحياءَ، لم تلقه إلا بغيضًا متبغِّضًا، ونزع منه الأمانة، فإذا نزع منه الأمانة، نزع منه الرَّحمة، فإذا نزع منه الرَّحمةَ، نزع منه رِبْقَةَ الإِسلام، فإذا نزع منه رِبقةَ الإِسلام، لم تلقه إلا شيطانًا مريدًا". خرَّجه حميدُ بنُ زنجويه (٣)، وخرَّجه ابنُ ماجه (٤) بمعناه بإسناد ضعيف عن ابن عمر مرفوعًا أيضًا.

وعن سلمان الفارسي قال: إنَّ الله إذا أرادَ بعبدٍ هلاكًا، نَزَعَ منه الحياءَ، فإذا


= شقَّصه يُشقصه، وبه سمي القصاب مشقصًا، المعنى: من استحل بيع الخمر. فليستحل بيع الخنزير، فإنهما في التحريم سواء، وهذا لفظ أمر معناه النهي، تقديره من باع الخمر، فليكن للخنازير قصابًا.
(١) حديث صحيح متواتر روي عن الجم الغفير من الصحابة انظر تخريج الكثير منها في "صحيح ابن حبان" (٢٨) - (٣١).
(٢) انظر "غريب الحديث" ٣/ ٣٢.
(٣) ضعيف وذكره السيوطي في "الجامع الكبير" ١/ ٣١، ونسبه للبيهقي في "الشعب" (٧٧٢٤).
(٤) رقم (٤٠٥٤) وفي سنده سعيد بن سنان، وهو متروك، واتهمه الدارقطني بالوضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>