للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منها؟ قال: "قوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} " (١).

وقال عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} [فصلت: ٦].

وقد أمرَ الله تعالى بإقامةِ الدِّين عمومًا كما قال: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا} [الشورى: ١٣]، وأمَر بإقام الصلاة في غير موضعٍ من كتابه، كما أمر بالاستقامة على التوحيد في تلك الآيتين.

والاستقامة: هي سلوكُ الصِّراط المستقيم، وهو الدِّينُ القيّم من غير تعريج عنه يَمنةً ولا يَسرةً، ويشمل ذلك فعلَ الطَّاعات كلّها، الظاهرة والباطنة، وتركَ المنهيات كلّها كذلك، فصارت هذه الوصيةُ جامعةً لخصال الدِّين كُلِّها.

وفي قوله عزّ وجلّ: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} إشارةٌ إلى أنَّه لا بُدَّ من تقصير في الاستقامة المأمور بها، فيُجْبَرُ ذلك بالاستغفار المقتضي للتَّوبة والرُّجوع إلى الاستقامة، فهو كقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "اتَّقِ الله حيثُما كُنتَ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تَمحُها" (٢). وقد أخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن الناس لن يُطيقوا


(١) الأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٩٨، ونسبه إلى "شعب الإيمان" للبيهقي (٢٤٣٩) من قول أبي علي السدي.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "شيبتني هود وأخواتها، حديث صحيح روي من حديث أبي بكر الصديق وابن عباس، وعقبه بن عامر، وأنس بن مالك، وأبي حنيفة، وعمران بن حصين، وهي مخرجة في مسند أبي بكر (٣٠) بتحقيقنا، قال العلماء: لعل ذلك لما فيهن من التخويف الفظيع والوعيد الشديد لاشتمالهن مع قصرهن على حكاية أهوال الآخرة وعجائبها وفظائعها، وأحوال الهالكين والمعذبين مع ما في بعضهن من الأمر بالاستقامة.
(٢) تقدم تخريجه، وهو الحديث الثامن عشر من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>