للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن أفضل أنواع الصبر: الصيامُ، فإنَّه يجمعُ الصبرَ على الأنواع الثَّلاثةِ، لأنَّه صبرٌ على طاعةِ الله عزَّ وجلَّ، وصبرٌ عن معاصي الله، لأنَّ العبدَ يتركُ شهواتِه لله عزَّ وجلّ ونفسه قد تنازعه إليها، ولهذا في الحديث الصحيح: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقولُ: كُلُّ عمل ابن آدمَ له إلَّا الصِّيامُ، فإنَّه لي، وأنا أجزي به، إنه تركَ شهوتَه وطعامَه وشرابَه منَ أجلي" (١)، وفيه أيضًا صبر على الأقدار المؤلمة بما قد يحصُلُ للصَّائم من الجوع والعطش، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يسمِّي شهرَ الصِّيام شهرَ الصَّبر (٢).

وقد جاء في حديث الرجل من بني سُليم عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أن الصوم نصفُ الصبر، وربما عُسر الوقوف على سرِّ كونه نصفَ الصبر أكثر من عُسر الوقوف على سرِّ كونِ الطهور شطر الإيمان، والله أعلم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والقرآنُ حجةٌ لك أو عليك"، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: ٨٢]. قال بعضُ السلف: ما جالسَ أحدٌ القرآنَ، فقام عنه سالمًا؛ بل إمَّا أن يربح أو أن يخسرَ، ثمَّ تلا هذه الآية.

وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جَدِّه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُمَثَّلُ


= مالك ويحيى: كان كذابًا، وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث، على أن علي بن زيد قد قال فيه أحمد ويحيى: ليس بشيء.
(١) رواه من حديث أبي هريرة أحمد ٢/ ٢٧٣، والبخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١١٥١)، وصححه ابن حبان (٣٤٢٢) و (٣٤٢٣)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٢) رواه من حديث أبي هريرة أحمد ٢/ ٢٦٣ و ٣٨٤، والنسائي ٤/ ٢١٨، ٢١٩، وإسناده صحيح.
ورواه من حديث النمر بن تولب أحمد ٥/ ٧٨ و ٣٦٣، وصححه ابن حبان (٦٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>