للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: ١١٢]، والهضمُ: أن يُنقَصَ من جزاء حسناته، والظُّلم: أن يُعاقب بذنوب غيره، ومثل هذا كثير في القرآن.

وهو مما يدلُّ على أنَّ الله قادرٌ على الظلم، ولكنه لا يفعلُه فضلًا منه وجودًا، وكرمًا وإحسانًا إلى عباده.

وقد فسر كثيرٌ من العلماء الظلمَ: بأنه وضعُ الأشياء في غير موضعها. وأمَّا من فسَّره بالتَّصرُّف في ملك الغير بغير إذنه - وقد نقل نحوه عن إياس بن معاوية وغيره - فإنهم يقولون: إنَّ الظُّلمَ مستحيلٌ عليه وغيرُه متصوَّرٌ في حقِّه، لأن كلَّ ما يفعله فهو تصرُّفٌ في ملكه، وبنحو ذلك أجاب أبو الأسود الدؤلي لِعمران بن حصين حين سأله عن القدر (١).

وخرَّج أبو داود، وابنُ ماجه من حديث أبي سنان سعيد بن سنان، عن وهب بن خالد الحمصي، عن ابن الدَّيلَمي أنَّه سمع أبيَّ بن كعبٍ يقول: لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذَّبهم وهو غيرُ ظالِمٍ لهم، ولو رَحِمَهُم، لكانت رحمتُه خيرًا لهم من أعمالهم، وأنه أتى ابن مسعود، فقال له مثلَ ذلك، ثم أتى زيدَ بن ثابت، فحدَّثه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك (٢). وفي هذا الحديث نظر، ووهبُ بنُ خالدٍ ليس بذاك المشهور بالعلم (٣). وقد يُحمل على أنَّه لو أراد تعذيبهم، لقدَّرَ لهم ما يعذِّبهم عليه، فيكون غيرَ ظالم لهم حينئذ.


(١) انظر "صحيح مسلم" (٢٦٥٠).
(٢) رواه أبو داود (٤٦٩٩)، وابن ماجه (٧٧)، وصححه ابن حبان (٧٢٧)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٣) لا نعلم أن أحدًا ممن ينتحل صناعة الحديث من المتقدمين، وصفه بذلك، وقد وثقه أبو داود، وابن حبان، والعجلي، والذهبي، وابن حجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>