للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: "لم ينقص ذلك ممَّا عندي إلَّا كما يَنقُصُ المِخيَطُ إذا أدخل البحر": تحقيق لأن ما عنده لا ينقُصُ البتَّة، كما قال تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: ٩٦]، فإنَّ البحرَ إذا غُمِسَ فيه إبرةٌ، ثم أُخرجتْ، لم ينقص من البحر بذلك شيءٌ، وكذلك لو فرض أنَّه شرب منه عصفورٌ مثلًا، فإنَّه لا ينقص البحر البتة، ولهذا ضربَ الخضرُ لموسى عليهما السلام هذا المثل في نسبة علمهما إلى علم الله عزَّ وجلَّ (١)، وهذا لأنَّ البحر لا يزال تمدُّهُ مياه الدُّنيا وأنهارُها الجاريةُ، فمهما أُخِذَ منه، لم يَنقُصْهُ شيءٌ، لأنه يمدُّه ما هو أزيدُ ممَّا أخذ منه، وهكذا طعامُ الجنَّة وما فيها، فإنَّه لا ينفدُ، كما قال تعالى: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: ٣٢ - ٣٣]، وقد جاء: "أنَّه كلَّما نُزِعت ثمرةٌ، عاد مكانها مثلُها" وروي: "مثلاها" (٢)، فهي لا تنقُصُ أبدًا ويشهد لذلك قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الكسوف: "وأريت الجنَّة، فتناولتُ منها عنقودًا، ولو أخذتُه، لأكلتُم منه ما بَقِيتِ الدُّنيا" خرَّجاه في "الصحيحين" من حديث ابن عباس (٣)، وخرَّجه الإمام أحمد من حديث جابرٍ، ولفظه: "ولو أتيتكم


(١) رواه من حديث ابن عباس البخاري (١٢٢) و (٣٤٠١) و (٤٧٢٥) و (٤٧٢٧)، ومسلم (٢٣٨٥)، والترمذي (٣١٤٩)، وصححه ابن حبان (٦٢٢٠).
(٢) روى الطبراني في "الكبير" (١٤٤٩) من حديث ثوبان مرفوعًا: "إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى".
ورواه البزار (٣٥٣٠)، وأبو نعيم في "الحلية" (٣٤٥) بلفظ: "لا ينزع رجل من أهل الجنة من ثمرها شيئًا إلا نبت مكانها مثلاها" لفظ أبي نعيم. وفي سنده عند الثلاثة عباد بن منصور وهو ضعيف.
ورواه البزار (٣٥٣١)، وفي سنده إسحاق بن إدريس، وهو متهم بالوضع.
وذكره الهيثمي في "المجمع" ١٠/ ٤١٤، وقال: رواه الطبراني والبزار. وأحد إسنادي البزار رجاله ثقات!
(٣) رواه البخاري (١٠٥٢)، ومسلم (٩٠٧)، وأحمد ١/ ٢٩٨، وصححه ابن حبان (٢٨٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>