للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به، لأكل منه مَنْ بينَ السَّماءِ والأرض، لا يَنقصُونَه شيئًا" (١).

وهكذا لحمُ الطَّيرِ الذي يأكلُه أهل الجنَّة يستخلف ويعودُ كما كان حيًا لا ينقص منه شيءٌ (٢)، وقد روي هذا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من وجوه فيها ضعف، وقاله كعبٌ. وروي أيضًا عن أبي أمامة الباهلي من قوله، قال أبو أمامة: وكذلك الشرابُ يشرب حتى ينتهي نفَسُه، ثم يعودُ مكانَه. ورؤي بعض العلماء الصالحين بعدَ موته بمدَّة في المنام فقال: ما أكلت منذ فارقتكم إلَّا بعضَ فرخٍ، أما علمتم أنَّ طعامَ الجنة لا ينفَدُ؟

وقد بيَّن في الحديث الَّذي خرَّجه الترمِذيُّ وابنُ ماجَه السبب الذي لأجله لا ينقصُ ما عندَ اللهِ بالعطاء بقوله: "ذلك بأنِّي جوادٌ واجدٌ ماجدٌ، أفعلُ ما أُريدُ، عطائي كلامٌ، وعذابي كلامٌ، إنَّما أمري لشيءٍ إذا أردتُ أن أقولَ له: كن فيكون" (٣) وهذا مثلُ قوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢]، وقوله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠].


(١) رواه أحمد ٥/ ١٣٧ من طريق جابر عن أبي بن كعب، ورواه الحاكم ٤/ ٦٠٤ - ٦٠٥ من طريق الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه، وصححه، ووافقه الذهبي.
(٢) روى هناد بن السري في "الزهد" (١٢٠)، وابن أبي شيبة ١٣/ ٩٨ - ٩٩، ونعيم بن حماد في زيادات "الزهد" (٢٦٨)، وأبو نعيم في "الحلية" ٦/ ٦٨ من طريق حسان بن أبي الأشرس عن مغيث بن سمي، قال: إذا اشتهى الرجل الطائر دعاه، فيجيء حتى يقع على خِوانه، قال: فيأكل من أحد جانبيه قديدًا ومن الآخر شواءً، ثم يعود كما كان فيطير.
وهذا أثر مرسل صحيح.
(٣) قطعة من حديث مطول رواه الترمذي (٢٤٩٥) وابن ماجة (٤٢٥٧) وأحمد ٥/ ١٥٤ و ١٧٧ من طرق عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر. وقال الترمذي: حديث حسن مع أن في شهر بن حوشب كلامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>