للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حبان في "صحيحه" (١) أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيسَ مِنْ نفسِ ابن آدم إلا عليها صدقةٌ في كلِّ يومٍ طلعت فيه الشمس"، قيل: يا رسولَ الله، ومن أين لنا صدقة نتصدَّقُ بها؟ قال: "إنَّ أبوابَ الخيرِ لكثيرةٌ: التَّسبيحُ، والتَّحميدُ، والتَّكبير، والتَّهليلُ، والأمرُ بالمعروف، والنَّهيُ عن المُنكر، وتُميط الأذى عن الطَّريق، وتُسمِعُ الأصمَّ، وتهدي الأعمى، وتدُلُّ المستدلَّ على حاجته، وتسعى بشدَّة ساقيك مع اللَّهفان المستغيث، وتحمل بشدَّةِ ذراعيك، معَ الضَّعيف، فهذا كلُّه صدقةٌ منكَ على نفسِكَ".

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "على كل سُلامى مِن الناس عليه صدقة". قال أبو عُبيد (٢): السُّلامى في الأصل عَظْمٌ يكون في فِرْسِنِ البعير، قال: فكأنَّ معنى الحديث: على كُلِّ عظم من عظام ابن آدم صدقةٌ، يُشير أبو عُبيد إلى أن السُّلامى اسمٌ لبعض العظام الصغار التي في الإبل، ثم عبر بها عن العظام في الجملة بالنسبة إلى الأدمي وغيره.

فمعنى الحديث عنده: على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة.

وقال غيرُه: السُّلامى: عظم في طرف اليد والرِّجلِ، وكنى بذلك عن جميع عظام الجسد، والسُّلامى جمع، وقيل: هو مفرد.

وقد ذكر علماء الطبِّ أن جميعَ عظام البدن مئتان وثمانية وأربعون عظمًا سوى السِّمسمانيات، وبعضهم يقول: هي ثلاث مئة وستون عظمًا، يظهر منها للحسِّ مئتان وخمسة وستون عظمًا، والباقية صغارٌ لا تظهر تُسمى السمسمانية، وهذه الأحاديث تُصدق هذا القول، ولعلَّ السلامى عبر بها عن هذه العظام الصغار، كما أنها في الأصل اسم لأصغر ما في البعير من العظام، ورواية البزار لحديث أبي هريرة يشهد لهذا، حيث قال فيها: "أو ستةٌ وثلاثون سُلامى" وقد


(١) برقم (٣٣٧٧)، وقد تقدم ص ٥٣٣.
(٢) في "غريب الحديث" ٣/ ١٠ - ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>