للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خرَّجه غيرُ البزار، وقال فيه: "إنَّ في ابن آدمَ ست مئة وستين عظمًا" وهذه الرواية غلطٌ. وفي حديث عائشة وبُريدة ذكر ثلاث مئة وستين مفصلًا.

ومعنى الحديث: أن تركيب هذه العظام وسلامتها مِن أعظم نِعَمِ الله على عبده، فيحتاج كلُّ عظم منها إلى صدقة يتصدق ابنُ آدم عنه، ليكونَ ذلك شكرًا لهذه النعمة. قال الله عزّ وجل: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: ٦ - ٨]. وقال عز وجلَ: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الملك: ٢٣]، وقال: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: ٧٨]، وقال: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} [البلد: ٨ - ٩]، قال مجاهد: هذه نِعَمٌ من الله متظاهرةٌ يقرِّرُكَ بها كيما تَشكُر (١)، وقرأ الفُضيلُ ليلةً هذه الآية، فبكى، فسئل عن بكائِهِ، فقال: هل بتَّ ليلة شاكرًا لله أن جعل لك عينين تُبصر بهما؟ هل بتَّ ليلة شاكرًا لله أن جعل لك لسانًا تنطق به؟ وجعل يعدِّد من هذا الضرب.

وروى ابنُ أبي الدُّنيا (٢) بإسناده عن سلمانَ الفارسي، قال: إنَّ رجُلًا بُسِطَ له مِنَ الدُّنيا، فانتزع ما في يديه، فجعل يحمَدُ الله عز وجلَّ، ويُثني عليه، حتَّى لم يكن له فراش إلا بوري (٣)، فجعل يَحمد الله، ويُثني عليه، وبسط للآخر من الدنيا، فقال لصاحب البُوري: أرأيتك أنتَ على ما تحمد الله عزَ وجل؟ قال: أحْمَدُ الله على ما لو أعْطِيتُ به ما أُعْطِيَ الخَلقُ، لم أعْطِهِمْ إيَّاه، قال:


(١) وكذا قال قتادة، رواه عنه عبد بن حميد، وابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" ٨/ ٥٢١.
(٢) في "كتاب الشكر" (١٠٠).
(٣) البوري: هو الحصير المنسوج، فارسي معرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>