للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في طاعته، ونعمة أخرى في الرزق، حق عليه أن يعمل للهِ عزّ وجلّ فيما أنعم عليه مِنَ الرِّزق في طاعته، فمن عمل بهذا، كان قد أخذ بحزم الشُّكرِ وأصله وفرعه (١). ورأى الحسن رجلًا يتبختر في مشيته، فقال: للهِ في كُلِّ عُضوٍ منه نعمة، اللهمّ لا تجعلنا ممن يتقوَّى بنعمك (٢) على معصيتك.

الدرجة الثانية من الشكر: الشكر المستحبُّ، وهو أن يعملَ العبدُ بعد أداءِ الفرائض، واجتناب المحارم بنوافل الطَّاعات، وهذه درجةُ السَّابقين المقرَّبين، وهي التي أرشد إليهَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأحاديث التي سبق ذكرُها، وكذلك كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في الصَّلاة، ويقوم حتَّى تتفطَّر قدماه، فإذا قيل له: أتفعلُ هذا وقد غَفرَ الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول: "أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ " (٣).

وقال بعضُ السلف: لما قال الله عزَّ وجلَّ: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ: ١٣]، لم يأتِ عليهم ساعةٌ من ليلٍ أو نهارٍ إلَّا وفيهم مصلٍّ يُصلي (٤).

وهذا مع أن بعضَ هذه الأعمال التي ذكرها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - واجبٌ: إمَّا على الأعيان، كالمشي إلى الصلاة عندَ من يرى وجوبَ الصَّلاة في الجماعات في المساجد، وإما على الكفاية، كالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، وإغاثة الملهوف، والعدلِ بينَ الناسِ، إمَّا في الحكم بينهم، أو في الإصلاح. وقد


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (١٨٨).
(٢) في (ب): "بنعمتك".
(٣) رواه من حديث المغيرة بن شعبة أحمد ٤/ ٢٥١، والبخاري (١١٣٠) و (٤٨٣٦) و (٦٤٧١)، ومسلم (٢٨١٩)، والترمذي (٤١٢)، والنسائي ٣/ ٢١٩، وابن ماجه (١٤١٩)، وصححه ابن حبان (٣١١)، ورواه من حديث عائشة أحمد ٦/ ١١٥، والبخاري (٤٨٣٧).
(٤) رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (٧٤) عن مسعر، ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" ٣/ ٥٣٦ عن ثابت البُناني.

<<  <  ج: ص:  >  >>