للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه، ويكفي في شكر هذه النعم، ويدلُّ على ذلك ما خرجه أبو داود (١) من حديث أبي الأسود الدِّيلي، قال: كنا عند أبي ذرٍّ، فقال: يُصبح على كُلِّ سُلامى مِنْ أحدكم في كُلِّ يوم صدقة، فله بكلِّ صلاة صدقةٌ، وصيام صدقة، وحجٍّ صدقة، وتسبيح صدقة، وتكبير صدقة، وتحميد صدقة، فعدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ هذه الأعمال الصالحات قال: "يجزئ أحدكم مِنْ ذلك ركعتا الضحى" وقد تقدَّم في حديث أبي موسى المخرَّج في "الصحيحين": "فإن لم يفعل، فليمسك عَن الشَّرِّ، فإنَّه له صدقة" (٢). وهذا يدلُّ على أنَّه يكفيه أن لا يفعل شيئًا من الشرِّ، وإنما يكلون مجتنبًا للشرِّ إذا قام بالفرائض، واجتنبَ المحارمَ، فإنَّ أعظمَ الشرِّ تركُ الفرائض، ومن هنا قال بعضُ السلف: الشُّكرُ تركُ المعاصي (٣). وقال بعضهم: الشُّكرُ أن لا يُستعانَ بشيءٍ مِنَ النِّعَمِ على معصية.

وذكر أبو حازمٍ الزاهد شُكْرَ الجوارح كُلّها، وأن تُكفَّ عن المعاصي وتُستعمل في الطاعات، ثم قال: وأمَّا من شكر بلسانه، ولم يشكر بجميع أعضائه، فمثله كمثل رجل له كِساءٌ، فأخذ بطرفه، فلم يلبسه، فلم ينفعه ذلك من الحرِّ والبرد والثلج والمطر (٤).

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لينظر العبدُ في نعم الله عليه في بدنه وسمعه وبصرِه ويديه ورجليه وغير ذلك، ليس من هذا شيءٌ الَّا وفيه نعمةٌ من اللهِ عزَّ وجلَّ، حقٌّ على العبد أن يعملَ بالنعم اللاتي هي في بدنه لله عزَّ وجلَّ


(١) برقم (١٢٨٦)، وانظر "صحيح مسلم" (٧٢٠).
(٢) تقدم تخريجه ص ٥٤٣ ت (٣).
(٣) رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (١٩)، عن مخلد بن حسين، قال: كان يقال … فذكره. ورواه أيضًا (٤١) عن مخلد بن حسين، عن محمد بن لوط …
(٤) رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (١٢٩)، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" ٣/ ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>