فنفى الخيرَ عَنْ كثيرٍ ممَّا يتناجى به الناسُ إلَّا في الأمرِ بالمعروف، وخصَّ من أفراده الصَّدقةَ والإِصلاحَ بينَ النَّاس لعموم نفعهما، فدل ذلك على أن التَّناجي بذلك خيرٌ، وأمّا الثوابُ عليه مِنَ اللهِ، فخصَّه بِمَنْ فعله ابتغاءَ مرضاتِ اللهِ.
وإنما جَعَل الأمرَ بالمعروفِ مِنَ الصَّدقة، والإِصلاحَ بينَ النَّاس وغيرهما خيرًا، وإنْ لم يُبْتَغَ به وجهُ اللهِ، لما يترتَّبُ على ذلك مِنَ النَّفْعِ المُتعدِّي، فَيَحْصُلُ به للنَّاسِ إحسانٌ وخيرٌ، وأمَّا بالنِّسبة إلى الأمر، فإنْ قَصَدَ به وجهَ اللهِ، وابتغاءَ مَرضاته، كان خيرًا له، وأُثِيبَ عليه، وإنْ لم يقصدْ ذلك، لم يكن خيرًا له، ولا ثوابَ له عليه، وهذا بخلاف من صامَ وصلَّى وذكرَ الله، يَقصِدُ بذلك عَرَضَ الدُّنْيا، فإنَّه لا خيرَ له فيه بالكُلِّيَّة، لأنَّه لا نفع في ذلك لصاحبه، لما يترتب عليه من الإِثم فيه، ولا لغيره، لأنه لا يتعدَّى نفعُه إلى أحدٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أن يحصُلَ لأحدٍ به اقتداءٌ في ذلك.
وأمّا ما ورد في السُّنَّةِ، وكلام السَّلفِ مِنْ تسمية هذا المعنى بالنيَّةِ، فكثيرٌ