للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإفشاءُ السَّلام وفي رواية أخرى: "وطيبُ الكلام" (١).

وكان ابنُ عمر رضي الله عنهما يقول: البر شيء هيّن: وجهٌ طليق وكلام ليِّن (٢).

وإذا قرن البرُّ بالتَّقوى، كما في قوله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢]، فقد يكون المرادُ بالبرِّ معاملةَ الخلق بالإحسان، وبالتَّقوى: معاملة الحقِّ بفعل طاعته، واجتناب محرّماته، وقد يكونُ أريد بالبرِّ: فعل الواجبات، وبالتقوى: اجتناب المحرَّمات، وقوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] قد يُراد بالإثم: المعاصي، وبالعدوان: ظُلم الخلق، وقد يُراد بالإثم: ما هو محرَّم في نفسه كالزنى، والسَّرقة، وشُرب الخمر، وبالعُدوان: تجاوز ما أذن فيه إلى ما نُهي عنه ممَّا جنسُه مأذون فيه، كقتل مَن أبيح قتلُه لِقِصاص، ومن لا يُباح، وأخذُ زيادة على الواجب من الناس في الزكاة ونحوها، ومجاوزة الجلد الذي أمر به في الحدود ونحو ذلك.

والمعنى الثاني من معنى البرِّ: أن يُراد به فعلُ جميع الطاعات الظاهرة والباطنة، كقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: ١٧٧] وقد رُوي أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الإيمان، فتلا هذه الآية (٣).


(١) رواه من حديث جابر أيضًا الحاكم ١/ ٤٨٣، وصححه، ووافقه الذهبي. وأورده الهيثمي في "المجمع" ٣/ ٢٠٧، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن.
(٢) رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" ص ٢٣ - ٢٤.
(٣) رواه من حديث أبي ذر ابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير" ١/ ٢١٣، وأورده =

<<  <  ج: ص:  >  >>