للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّار قال: وأشاح، ثم قال: "اتقوا النَّار"، ثم أعرض وأشاح ثلاثًا حتى ظننا أنَّه ينظر إليها، ثم قال: "اتَّقوا النَّار ولو بشقِّ تمرةٍ، فمن لم يجد فبكلمة طيِّبةٍ" (١).

وخرَّج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن سلمة عن عليٍّ، أو عن الزُّبير بن العوام، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يخطُبنا، فيذكِّرُنا بأيَّام الله، حتَّى يُعرَف ذلك في وجهه، وكأنه نذيرُ قوم يُصبِّحهم الأمرُ غُدوةً، وكانَ إذا كان حديثَ عهدٍ بجبريلَ لم يتبسَّمْ ضاحكًا حتَّى يرتفع عنه (٢).

وخرَّجه الطبراني والبزارُ من حديث جابر، قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه الوحيُ، أو وعظَ، قلت: نذير قوم أتاهُم العذابُ، فإذا ذهبَ عنه ذلك، رأيت أطلقَ الناس وجهًا، وأكثَرهم ضَحِكًا، وأحسنهم بِشرًا - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وقولهم: "يا رسول الله كأنَّها موعظةُ مودِّع، فأوصنا" يدلُّ على أنَّه كان - صلى الله عليه وسلم - قد أبلغَ في تلك الموعظة ما لم يبلغ في غيرها، فلذلك فَهموا أنَّها موعظةُ مودِّع، فإن المودِّع يستقصي ما لا يستقصي غيرُه في القول والفعل، ولذلك أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُصلي صلاة مودِّع، لأنَّه مَنِ استشعر أنَّه مودع بصلاته، أتقنها على أكمل وجوهها. ولرُبما كان قد وقع منه - صلى الله عليه وسلم - تعريضٌ في تلك الخطبة بالتَّوديع، كما عرَّض بذلك في خطبته في حجة الوداع، وقال: "لا أدري، لعلي لا ألقاكم


(١) رواه البخاري (٦٠٢٣)، ومسلم (١٠١٦)، وصححه ابن حبان (٢٨٠٤)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٢) رواه أحمد ١/ ١٦٧، وذكره الهيثمي في "المجمع" ٢/ ١٨٨، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و "الأوسط" بنحوه، وأبو يعلى عن الزبير وحده، ورجاله رجال الصحيح.
(٣) رواه البزار (٢٤٧٧) واقتصر الهيثمي في "المجمع" ٩/ ١٧ على نسبته إلى البزار فقط وحسن إسناده.

<<  <  ج: ص:  >  >>