للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الحديث خرَّجه الإمام أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه من رواية معمر، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن معاذ بن جبل، وقال الترمذي: حسن صحيح.

وفيما قاله رحمه الله نظر من وجهين:

أحدهما: أنه لم يثبت سماعُ أبي وائل من معاذ، وإن كان قد أدركه بالسِّنِّ، وكان معاذ بالشَّام، وأبو وائل بالكوفة، وما زال الأئمةُ - كأحمد وغيره - يستدلُّون على انتفاء السَّماع بمثل هذا، وقد قال أبو حاتم الرازي في سماع أبي وائل من أبي الدرداء: قد أدركه، وكان بالكُوفة، وأبو الدَّرداء بالشام، يعني: أنه لم يصحَّ له سماع (١) منه. وقد حكى أبو زرعة الدِّمشقي عن قوم أنهم توقَّفُوا في سماعِ أبي وائل من عمر، أو نفوه، فسماعه من معاذ أبعد.

والثاني: أنه قد رواه حمَّادُ بنُ سلمة عن عاصم بن أبي النجود، عن شهر بن حوشبٍ، عن معاذ، خرَّجه الإمام أحمد (٢) مختصرًا، قال الدارقطني: وهو أشبهُ بالصَّواب؛ لأنَّ الحديثَ معروفٌ من رواية شهرٍ على اختلافٍ عليه فيه.

قلت: ورواية شهر عن معاذ مرسلةٌ يقينًا، وشهرٌ مختلفٌ في توثيقه وتضعيفه، وقد خرَّجه الإِمامُ أحمد من رواية شهر عن عبدِ الرحمن بن غَنْمٍ، عن معاذ، وخرَّجه الإمام أحمد أيضًا من رواية عُروة بن النزَّال أو النزال بن عروة، وميمون بن أبي شبيب، كلاهما عن معاذ، ولم يسمع عروةُ ولا ميمونُ من معاذ، وله طرق أخرى عن معاذ كلُّها ضعيفة.

وقوله: "أخبرني بعملٍ يُدخلني الجنةَ، ويُباعدني من النَّار" قد تقدَّم في شرح الحديث الثاني والعشرين من وجوه ثابتة من حديث أبي هريرة وأبي أيوب


(١) انظر "المراسيل" لابن أبي حاتم ص ٨٨.
(٢) في "المسند" ٥/ ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>