للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أبيه مرفوعًا: "لا تَعْضِيةَ في الميراث إلا ما احتمل القسم" (١) وأبو بكر: هو ابن عمرو بن حزم، قاله الإِمام أحمد، فالحديث حينئذ مرسل، والتعضية: هي القسمة. ومتى تعذَّرَتِ القسمةُ، لكون المقسوم يتضرَّرُ بقسمته، وطلب أحدُ الشَّريكين البيعَ، أجبر الآخر، وقسم الثَّمنُ، نصَّ عليه أحمدُ وأبو عبيد وغيرهما مِنَ الأئمة.

وأما الثاني - وهو منع الجار من الانتفاع بملكه، والارتفاق به - فإن كان ذلك يضرُّ بمن انتفعَ بملكه، فله المنعُ، كمن له جدارٌ واهٍ لا يحتمل أن يُطرَحَ عليه خشَبٌ، وأمَّا إن لم يضرَّ به، فهل يجب عليه التَّمكين، ويحرم عليه الامتناع أم لا؟ فمن قال في القسم الأول: لا يمنع المالك مِنَ التَّصرُّف في ملكه، وإن أضرَّ بجاره، قال هنا: للجار المنع مِنَ التصرُّف في ملكه بغير إذنه، ومن قال هناك بالمنع، فاختلفوا ها هنا على قولين: أحدهما: المنع ها هنا وهو قول مالك. والثاني: أنه لا يجوزُ المنع، وهو مذهبُ أحمد في طرح الخشب على جدار جاره، ووافقه الشافعيُّ في القديم وإسحاق وأبو ثور، وداود، وابنُ المنذر، وعبدُ الملك بن حبيب المالكي، وحكاه مالكٌ عن بعض قُضاة المدينة.

وفي "الصحيحين" عن أبي هُريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا يمنعنَّ أحدُكُم جارَه أن يَغرِزَ خشبة على جِداره" قال أبو هريرة: ما لي أراكم عنها مُعرِضين، والله


(١) رواه الدارقطني ٤/ ٢١٩، والبيهقي ١٠/ ١٣٣ من طريق ابن جريج عن صديق بن موسى، عن محمد بن أبي بكر. وابن جريج مدلس، وقد عنعن. وصديق بن موسى، قال الذهبي: ليس بحجة، فهو مرسل ضعيف، وضعفه الإمام الشافعي فيما نقله عنه البيهقي.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تعضية"، قال أبو عبيدة في "غريب الحديث" ٢/ ٧: يعني أن يموت الرجل، ويدع شيئًا إن قسم بين ورثته إذا أراد بعضهم القسمة، كان في ذلك ضرر عليه، يقول: فلا يقسم ذلك، والتعضية: التفريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>