للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلُّوا في مسألة القسامةِ بما رَوى سعيدُ بن عبيد، حدثنا بُشيرُ بن يسارٍ الأنصاريُّ، عن سهل بن أبي حثمة أنَّه أخبرَه أنَّ نفرًا منهُم انطلقوا إلى خيبر، فتفرَّقوا فيها، فوجدوا أحدَهم قتيلًا، فذكر الحديثَ، وفيه: فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تأتوني بالبيِّنةِ على من قتله"، قالوا: ما لنا بيِّنةٌ، قال: "فيحلفون"، قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود، فكره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُطَلَّ دمُهُ، فوداه مئةً من إبل الصدقة. خرَّجه البخاري، وخرَّجه مسلم مختصرًا ولم يتمَّه، ولكن هذه الرواية تُعارِض رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة فذكر قصة القتيلِ، وقال فيه: فذكروا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقتل عبد الله بن سهل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُقسِمُ خمسون منكم على رجلٍ منهم، فيدفع برُمته"، وهذه هي الرواية المشهورة الثابتة المخرّجة بلفظها بكمالها في "الصحيحين" (١). وقد ذكر الأئمَّةُ الحفَّاظُ أنّ رواية يحيى بن سعيدٍ أصحُّ من رواية سعيد بن عُبيدٍ الطَّائي، فإنَّه أجلُّ وأعلم وأحفظ، وهو من أهل المدينة، وهو أعلمُ بحديثهم من الكوفيِّين.

وقد ذَكرَ الإِمام أحمد مخالفة سعيد بن عبيد ليحيى بن سعيد في هذا الحديث، فنفض يده، وقال: ذاك ليس بشيءٍ، رواه على ما يقول الكوفيون، وقال: أذْهَبُ إلى حديث المدنيين يحيى بن سعيد. وقال النسائيُّ: لا نعلم أحدًا تابعَ سعيد بن عُبيدٍ على روايته عن بشير بن يسار، وقال مسلم في كتاب "التمييز" (٢): لم يحفظه سعيدُ بنُ عُبيدٍ على وجهه، لأن جميع الأخبار فيها سؤال النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إيَّاهم قسامة خمسين يمينًا، وليس في شيءٍ من أخبارهم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) رواه البخاري (٢٧٠٢) و (٣١٧٣) و (٦١٤٣) و (٦٨٩٨) و (٧١٩٢)، ومسلم (١٦٦٩)، وأبو داود (٤٥٢٠) و (٤٥٢١)، والترمذي (١٤٢٢)، والنسائي ٨/ ٥ - ١٢، وابن ماجه (٢٦٧٧)، وصححه ابن حبان (٦٠٠٩).
(٢) ص ١٤٤ - ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>