للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سألهم البيِّنَةَ، وترك سعيد القسامة، وتواطُؤُ الأخبارِ بخلافه يقضي عليه بالغلط، وقد خالفه يحيى بن سعيد.

وقال ابن عبد البرّ في رواية سعيد بن عبيد: هذه روايةُ أهل العراق عن بُشير بن يسار، وروايةُ أهل المدينة عنه أثبتُ، وهم به أقعدُ، ونقلُهم أصحُّ عند أهل العلم.

قلت: وسعيد بن عُبيد اختصر قصَّة القسامة، وهي محفوظةٌ في الحديث، وقد خرَّج النسائيُّ (١) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - طلب من ولي القتيل شاهِدين على من قتله، فقال: ومن أين أُصيبُ شاهدين؟ قال: "فتحلِفُ خمسين قسامةً"، قال: كيف أَحلِفُ على ما لم أعلم؟ قال: "فتستحلفُ منهم خمسين قسامة" فهذا الحديث يَجمَعُ به بين روايتي سعيد بن عُبيد، ويحيى بن سعيد، ويكونُ كلٌّ منهما تركَ بعض القصَّة، فترك سعيدٌ ذِكرَ قسامة المدَّعين، وترك يحيى ذكر البيِّنة قبل طلب القسامة والله أعلم.

وأما مسألة الشَّاهد مع اليمين، فاستدلّ من أنكر الحكم بالشَّاهد واليمين بحديث: "شَاهِداك أو يمينه" (٢) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لك إلَّا ذلك" (٢)، وقد تكلم القاضي إسماعيل المالكي في هذه اللفظة، وقال: تفرَّد بها منصورٌ عن أبي وائل، وخالفه سائرُ الرُّواة، وقالوا: إنَّه سأله: "ألك بيِّنَةٌ أم لا؟ " والبيِّنَةُ لا تقف على الشَّاهدين فقط، بل تعمُّ سائر ما يُبيِّنُ الحقَّ.

وقال غيرُه: يحتمل أن يريدَ بشاهديه كلَّ نوعين يشهدان للمدَّعي بصحَّة دعواه يتبيَّن بهما الحقّ، فيدخُلُ في ذلك شهادةُ الرجلين، وشهادةُ الرَّجُل مع المرأتين، وشهادةُ الواحد مع اليمين، وقد أقام الله سبحانه أيمانَ المدَّعي مقامَ الشُّهود في اللعان.


(١) ٨/ ١٢، وإسناده حسن.
(٢) تقدم تخريجه ص ٦٩٩ من حديث الأشعث بن قيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>