للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وخَرَّج النَّسائيُّ (١) بإسنادٍ جيِّدٍ عن أبي أُمامةَ الباهليِّ أن رجُلًا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ رجُلًا غزا يلتَمِسُ الأجْرَ والذِّكْر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا شَيءَ لهُ" فأعادها ثلاث مرات، يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا شيء له"، ثمَّ قال: "إنَّ الله لا يقبلُ منَ العَمَل إلَّا ما كانَ له خالِصًا، وابتُغِي به وجهُه".

وخَرَّج الحاكمُ (٢) مِنْ حديث ابن عباس: قال رجل: يا رسول الله، إني أقف الموقف أُريد وجْه اللهِ، وأريدُ أنْ يُرى موطِني، فلم يردَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا حتَّى نزلت: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠].

وممَّن رُوي عنه هذا المعنى، وأنَّ العملَ إذا خالطه شيءٌ مِنَ الرِّياءِ كان باطلًا: طائفةٌ من السَّلفِ، منهم عبادةُ بنُ الصَّامتِ، وأبو الدَّرداءِ، والحسنُ، وسعيدُ بنُ المسيِّبِ، وغيرُهم.

وفي مراسيلِ القاسم بن مُخَيمرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا يَقبلُ الله عملًا فيه مثقالُ حبَّةِ خردلٍ مِنْ رياءٍ" (٣).

ولا نعرفُ عن السَّلفِ في هذا خلافًا، وإنْ كانَ فيه خلافٌ عَنْ بعضِ المتأخِّرينَ.

فإنْ خالطَ نيَّةَ الجهادِ مثلًا نيَّةٌ غيرُ الرِّياءِ، مثلُ أخذِ أجرة للخِدمَةِ، أو أخذ


(١) تقدّم تخريجه، ص ٢٥، ت (٣).
(٢) ٢/ ١١١ من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن طاووس، عن ابن عبّاس مرفوعًا. وهو في كتاب "الجهاد" لابن المبارك (١٢) عن طاووس مرسلًا، وكذا رواه من طريق ابن المبارك عن طاووس مرسلًا: الطبري ١٦/ ٤٠، والحاكم ٤/ ٣٢٩، وعبد الرزاق، وابن أبي الدنيا في "الإخلاص" وابن أبي حاتم، والطبراني، فيما ذكره السُّيوطي في "الدُّرِّ المنثور" ٥/ ٤٦٩.
(٣) ورواه أبو نعيم في "الحلية" ٨/ ٢٤٠ عن يوسف بن أسباط قولَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>