شيءٍ مِنَ الغنيمةِ، أو التِّجارة، نقصَ بذلك أجرُ جهادهم، ولم يَبطُل بالكلِّيَّة، وفي "صحيح مسلم" عن عبدِ اللهِ بن عمروٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:"إنَّ الغُزَاةَ إذا غَنِموا غنيمةً، تعجَّلوا ثُلُثي أجْرِهِم، فإنْ لم يغنَمُوا شيئًا، تمَّ لهُم أجرُهم"(١).
وقد ذكرنا فيما مضى أحاديثَ تدلُّ على أن مَنْ أراد بجهاده عَرَضًا مِنَ الدُّنيا أنه لا أجرَ له، وهي محمولةٌ على أنه لم يكن له غرَضٌ في الجهاد إلَّا الدُّنيا.
وقال الإمامُ أحمدُ: التَّاجِرُ والمستأجر والمُكاري أجرهم على قدر ما يخلُصُ من نيَّتهم في غزاتِهم، ولا يكونُ مثل مَنْ جاهَدَ بنفسه ومالِه لا يَخلِطُ به غيرَهُ.
وقال أيضًا فيمن يأخذُ جُعْلًا على الجهاد: إذا لم يخرج لأجلِ الدَّراهم، فلا بأس أن يأخذَ، كأنَّه خرجَ لدِينِه، فإنْ أُعطي شيئًا، أخذه.
وكذا رُوي عن عبد الله بن عمروٍ، قال: إذا أجمعَ أحدُكم على الغزوِ، فعوَّضَه الله رزقًا، فلا بأسَ بذلك، وأمَّا إنْ أَحدُكُم إنْ أُعطي درهمًا غزا، وإنْ مُنع درهمًا مكث، فلا خيرَ في ذلك.
وكذا قال الأوزاعي: إذا كانت نيَّةُ الغازي على الغزو، فلا أرى بأسًا.
وهكذا يُقالُ فيمن أخذَ شيئًا في الحَجِّ ليحُجَّ به: إمَّا عَنْ نفسه، أو عَنْ غيرِه، وقد رُويَ عنْ مُجاهد أنَّه قال في حجِّ الجمَّال وحجِّ الأجيرِ وحجِّ التَّاجِر: هو تمامٌ لا يَنقُصُ من أُجُورهم شيءٌ، وهو محمولٌ على أن قصدهم الأصليَّ كان هو الحجَّ دُونَ التَّكسُّب.
وأمَّا إنْ كان أصلُ العمل للهِ، ثم طرأت عليه نيَّةُ الرِّياءِ، فإنْ كان خاطرًا
(١) رواه مسلم (١٩٠٦)، ورواه أيضًا أحمد ٢/ ١٦٩، وأبو داود (٢٤٩٧)، والنّسائي ٦/ ١٧ - ١٨، وابن ماجه (٢٧٨٥).