للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٤]، وقد ورد ما يستدلُّ به على سقوط الأمر والنهي عندَ عدم القَبول والانتفاع به، ففي "سنن" أبي داود وابن ماجه والترمذي عن أبي ثعلبة الخشني أنَّه قيل له: كيف تقولُ في هذه الآية: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: ١٠٥]، فقال: أما والله لقد سألتُ عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "بل ائتمِروا بالمعروف، وانتهُوا عن المنكرِ، حتَّى إذا رأيتَ شُحًّا مُطاعًا، وهوىً مُتَّبعًا، ودُنيا مُؤْثَرةً، وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيه، فعليكَ بنفسك، ودع عنك أمر العوامِّ" (١).

وفي "سنن أبي داود" (٢) عن عبد الله بن عمرو، قال: بينما نحن حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ ذكر الفتنة، فقال: "إذا رأيتُمُ النَّاس مَرَجَتْ عهودُهم، وخفَّت أماناتُهم، وكانوا هكذا" وشبك بين أصابعه، فقمتُ إليه، فقلت: كيف أفعلُ عندَ ذلك، جعلني الله فداك؟ قال: "الزم بيتَك، واملِكْ عليك لسانك، وخُذْ بما تَعرِفُ، ودع ما تُنكرُ، وعليك بأمر خاصَّةِ نفسك، ودع عنك أمرَ العامَّة".

وكذلك رُوي عن طائفة من الصحابة في قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥]، قالوا: لم يأت تأويلُها بعدُ، إنَّما تأويلُها في آخر الزمان.

وعن ابن مسعود، قال: إذا اختلفتِ القلوبُ والأهواءُ، وأُلبِستُم شِيَعًا، وذاقَ بعضُكم بأسَ بعضٍ، فيأمرُ الإِنسانُ حينئذٍ نفسَه، حينئذ تأويل هذه الآية (٣).


(١) رواه أبو داود (٤٣٤١)، والترمذي (٣٠٥٨)، وابن ماجه (٤٠١٤)، والحاكم ٤/ ٣٢٢، وابن جرير (١٢٨٦٢) و (١٢٨٦٣)، والبغوي (٤١٥٦)، والبيهقي ١٠/ ٩١، وصححه ابن حبان (٣٨٥)، ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو الآتي.
(٢) برقم (٤٣٤٢)، ورواه أيضًا أحمد ٢/ ١٦٢، وحسن إسناده الحافظان المنذري والعراقي، وصححه الحاكم ٤/ ٤٣٥ و ٥٢٥، ووافقه الذهبي.
ورواه ابن حبان (٥٩٥٠) و (٦٧٣٠) من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف أنت يا عبد الله بن عمر. . .".
(٣) رواه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (١٢٨٥٩) و (١٢٨٦٠) والبيهقي ١٠/ ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>