للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: ٦٢، ٦٣].

ولهذا المعنى حرم المشي بالنَّميمة، لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء، ورُخِّصَ في الكذب في الإِصلاح بين النَّاس، ورغَّب الله في الإِصلاح بينهم، كما قال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ١١٤]، وقال: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩]، وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١].

وخرَّج الإِمام أحمد وأبو داود والترمذيُّ من حديث أبي الدرداء، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ألا أخبركم بأفضلَ مِنْ درجة الصلاة والصيام والصَّدقة؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "صلاحُ ذاتِ البينِ؛ فإنَّ فسادَ ذات البين هي الحالِقَةُ" (١).

وخرَّج الإِمام أحمد وغيرُه من حديث أسماءَ بنتِ يزيد، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ألا أُنبِّئُكم بشرارِكم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "المشَّاؤون بالنَّميمة، المفرِّقونَ بينَ الأحبَّةِ، الباغون للبُرءاءِ العَنَتِ" (٢).

وأمَّا البغض في الله، فهو من أوثق عرى الإِيمان، وليس داخلًا في النَّهي، ولو ظهر لرجل من أخيه شرٌّ، فأبغضه عليه، وكان الرَّجُل معذورًا فيه في نفس


(١) صحيح، رواه أحمد ٦/ ٤٤٤ - ٤٤٥، وأبو داود (٤٩١٩)، والترمذي (٢٥٠٩)، وصححه ابن حبان (٥٠٩٢).
(٢) رواه أحمد ٦/ ٤٥٩، والطبراني في "الكبير" ٢٤/ (٤٢٣) - (٤٢٥)، وفيه شهر بن حوشب، وفيه ضعف، وبعضهم حسن حديثه.
وقوله: "الباغون للبراء العنت" قال ابن الأثير: العنت: المشقة والفساد والهلاك والإِثم والغلط والخطأ والزنى، وكل ذلك قد جاء وأطلق العنت عليه، والحديث يحتمل كلَّها.

<<  <  ج: ص:  >  >>