للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي "صحيح البخاري" (١) عن سهل بن سعد، قال: مرَّ رجلٌ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لرجل عنده جالس: "ما رأيك في هذا؟ " فقال رجلٌ منْ أشراف الناس: هذا والله حريٌّ إنْ خطَب أن يُنكح، وإن شفع أن يشفَّعَ، وإن قال أن يُسمَعَ لقوله، قال: فسكت النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم مرَّ رجلٌ آخر، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما رأيك في هذا؟ " قال: يا رسول الله، هذا رجلٌ مِن فقراء المسلمين، هذا حريٌّ إن خطب أن لا يُنكحَ، وإن شفع أن لا يشفَّع، وإن قال أن لا يُسمع لقوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا خيرٌ من ملءِ الأرض مثل هذا".

وقال محمد بنُ كعب القُرَظيُّ في قوله تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} [الواقعة: ١ - ٣]، قال: تَخفِضُ رجالًا كانوا في الدُّنيا مرتفعين، وترْفَعُ رجالًا كانوا في الدُّنيا مخفوضين (٢).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بحسب امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أن يحقِرَ أخاه المسلم"، يعني: يكفيه مِنَ الشَّرِّ احتقارُ أخيه المسلم، فإنَّه إنَّما يحتقرُ أخاه المسلم لتكبُّره عليه، والكِبْرُ من أعظمِ خِصالِ الشَّرِّ، وفي "صحيح مسلم" (٣) عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يدخلُ الجنَّة من في قلبه مثقالُ ذرَّةٍ من كِبْرٍ".

وفيه (٤) أيضًا عنه أنه قال: "العزُّ إزاره والكبر رداؤه، فمن نازعني عذَّبتُه"


(١) برقم (٥٠٩١) و (٦٤٤٧). ورواه ابن ماجه (٤١٢٠).
(٢) رواه سعيد بن منصور وابن المنذر وأبو الشيخ في "العظمة" كما في "الدر المنثور" ٨/ ٤.
(٣) برقم (٩١) من حديث ابن مسعود. ورواه أيضًا أبو داود (٤٠٩١)، والترمذي (١٩٩٩)، وصححه ابن حبان (٥٦٨٠).
(٤) برقم (٢٦٢٠) من حديث أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة.
قال الإِمام النووي في "شرح مسلم" ١٦/ ١٧٣ - ١٧٤ تعليقًا على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "العزّ إزاره": هكذا هو في جميع النسخ (أي: نسخ صحيح مسلم)، فالضمير في "إزاره" و"رداؤه" يعود إلى الله تعالى للعلم به، وفيه محذوف تقديره: "قال الله تعالى: "ومن =

<<  <  ج: ص:  >  >>