للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طلب اللهُ عورتَه حتَّى يفضحَهُ في بيته" (١)

وفي "صحيح مسلم" (٢) عن أبي هريرة أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عنِ الغيبة، فقال: "ذكرُك أخاكَ بما يكرهُ قال: أرأيت إن كان فيه ما أقولُ؟ فقال: "إن كان فيه ما تقولُ، فقد اغتَبته، وإن لم يكن فيه ما تقولُ، فقد بهتَّه".

فتضمَّنت هذه النُّصوص كلُّها أنَّ المسلمَ لا يحِلُّ إيصالُ الأذى إليه بوجهٍ مِنَ الوجوهِ من قولٍ أو فعلٍ بغيرِ حقٍّ، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٥٨].

وإنما جعلَ اللهُ المؤمنين إخوةً ليتعاطفوا ويتراحموا، وفي "الصحيحين" عن النعمان بن بشير، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفهم، مَثَلُ الجسدِ، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائرُ الجسد بالحمَّى والسَّهر".


(١) رواه أحمد ٥/ ٢٧٩، وإسناده حسن، وذكره الهيثمي في "المجمع" ٨/ ٧٨، وقال: رجاله رجال الصحيح غير ميمون بن عجلان، وهو ثقة، قلت: وجزم الحافظ في "لسان الميزان" ٦/ ١٤١ في ترجمة ميمون بن عجلان أنه ميمون بن موسى المرَئي البصري، وهو صدوق من رجال "التهذيب" - وهو وإن كان موصوفًا بالتدليس - قد صرح بالسماع في هذا الحديث، قلت: ويشهد له حديث ابن عمر رفعه "يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإِيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيّروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحُه، ولو في جوف رحله". رواه الترمذي (٢٠٣٣)، والبغوي (٣٥٢٦)، وسنده حسن، ومن حديث أبي برزة الأسلمي عند أبي داود (٤٨٨٠)، وأحمد ٤/ ٤٢١ و ٤٢٤، وسنده حسن أيضًا، ومن حديث البراء بن عازب عند أبي يعلى (١٦٧٥)، وحسن إسناده الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" ٣/ ١٧٧، وقال الهيثمي في "المجمع" ٨/ ٥٣: رجاله ثقات.
(٢) رقم (٢٥٨٩). ورواه أبو داود (٤٨٧٤)، والترمذي (١٩٣٤)، وصححه ابن حبان (٥٧٥٨) و (٥٧٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>