للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان أبو بكر الصدِّيق يحلبُ للحيِّ أغنامهم، فلمَّا استخلف، قالت جاريةٌ منهم: الآن لا يحلُبُها، فقال أبو بكر: بلى وإني لأرجو أن لا يغيِّرني ما دخلتُ فيه عن شيءٍ كنتُ أفعلُه، أو كما قال.

وإنما كانوا يقومون بالحِلاب، لأن العربَ كانت لا تَحلُبُ النِّساءُ منهم، وكانوا يستقبحونَ ذلك، فكان الرجالُ إذا غابوا، احتاج النساءُ إلى من يحْلُبُ لهنَّ. وقد روي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لقوم: "لا تسقوني حَلَبَ امرأةٍ" (١).

وكان عمر يتعاهد الأرامل فيستقي لهنّ الماءَ باللَّيل، ورآه طلحةُ بالليل يدخلُ بيتَ امرأةٍ، فدخلَ إليها طلحةُ نهارًا، فإذا هي عجوزٌ عمياءُ مقعدةٌ، فسألها: ما يصنعُ هذا الرَّجلُ عندك؟ قالت: هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني يأتيني بما يُصلِحُني، ويخرج عنِّي الأذى، فقال طلحة: ثكلتك أمُّكَ طلحةُ، عثراتِ عمر تتبع؟ (٢)

وكان أبو وائل يطوفُ على نساء الحيِّ وعجائزهم كلَّ يوم، فيشتري لهنَّ حوائجهنّ وما يُصلِحُهُنَّ.

وقال مجاهد: صحبتُ ابنَ عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدُمُني (٣).

وكان كثيرٌ من الصَّالِحين يشترطُ على أصحابه في السفر أن يخدُمَهم.


(١) رواه ابن سعد في "الطبقات" ٦/ ٤٣، والبزار (٢٩٠٣) من طريق امرئ القيس المحازلي، عن عاصم بن بجر، عن ابن أبي شيخ مرفوعًا.
وامرؤ القيس، قال الأزدي فيما نقله عنه الذهبي في "الميزان" ١/ ٢٧٥: حدث عن عاصم بن بجير بخبر منكر لا يصح، وذكره الهيثمي في "المجمع" ٥/ ٨٣، وقال: وفيه جماعة لم أعرفهم.
(٢) رواه أبو نعيم في "الحلية" ١/ ٤٨.
(٣) "الحلية" ٣/ ٢٨٥ - ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>