للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث، فقال: لو شئت لأخبرتُك بأوَّلِ علمٍ يرفع مِنَ النَّاس: الخشوع (١)، وإنما قال عُبادة هذا، لأنَّ العلم قسمان:

أحدهما: ما كان ثمرتُه في قلبِ الإِنسان، وهو العلمُ بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله المقتضية لخشيتِهِ، ومهابتِه، وإجلالِه، والخضوعِ له، ولمحبَّتِه، ورجائهِ، ودعائه، والتوكُّل عليه، ونحو ذلك، فهذا هو العلمُ النافع، كما قال ابنُ مسعود: إنَّ أقوامًا يقرؤون القرآن لا يُجاوِزُ تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب، فرسخ فيه، نفع.

وقال الحسنُ: العلم علمان: علمٌ على اللسان، فذاك حُجَّة الله على ابن آدم، وعلم في القلب، فذاك العلم النافع (٢).

والقسم الثاني: العلمُ الذي على اللِّسانِ، وهو حجَّةُ الله كما في الحديث: "القرآن حجة لك أو عليك" (٣)، فأوَّلُ ما يُرفعُ مِنَ العلم: العلمُ النَّافع، وهو العلم الباطنُ الَّذي يُخالِطُ القلوبَ ويُصلحها، ويبقى علمُ اللِّسان حجَّةً، فيتهاونُ الناسُ به، ولا يعملون بمقتضاه، لا حملتُه ولا غيرهم، ثم يذهبُ هذا العلم


(١) رواه الترمذي (٢٦٥٣)، وحسنه وصححه الحاكم ١/ ٩٩، ووافقه الذهبي. وله شاهد من حديث عوف بن مالك عند أحمد ٦/ ٢٦ - ٢٧، والنسائي في العلم من "الكبرى" كما في "التحفة" ٨/ ٢١١، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (٤٥٧٢) و (٦٧٢٠).
وعن زياد بن لبيد الأنصاري عند أحمد ٤/ ٢١٩، وابن ماجه (٤٠٤٨)، وصححه الحاكم ١/ ١٠٠، ووافقه الذهبي.
وروى الطبراني في "الكبير" من حديث أبي الدرداء، رفعه "أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعًا" وحسن إسناده الهيثمي في "المجمع" ٢/ ١٣٦، وله شاهد من حديث شداد بن أوس عند الطبراني (٧١٨٣)، ولا بأس بإسناده في الشواهد.
(٢) ورواه ابن أبي شيبة ١٣/ ٢٣٥، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ١/ ٢٣٣ - ٢٣٤، عن الحسن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورجاله ثقات، لكنه مرسل.
(٣) قطعة من حديث صحيح، من حديث أبي مالك الأشعري السالف برقم (٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>