للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذهاب حمَلتِه، فلا يبقى إلا القرآنُ في المصاحف، وليس ثَمَّ من يعلمُ معانيه، ولا حدوده، ولا أحكامه، ثمَّ يسرى به في آخر الزمان، فلا يبقى في المصاحف ولا في القُلوب منه شيءٌ بالكلِّيَّةِ، وبعد ذلك تقومُ السَّاعة، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقومُ السَّاعة إلَّا على شرارِ النَّاس" (١)، وقال: "لا تقومُ الساعةُ وفي الأرض أحدٌ يقول: الله الله" (٢).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما جلس قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللهِ، يتلونَ كتابَ الله، ويتدارسونه بينهم، إلَّا نزلت عليهمُ السَّكينةُ، وغشيتهُم الرَّحمة، وحفَّتهم الملائكةُ، وذكرهمُ اللهُ فيمن عنده". هذا يدلُّ على استحباب الجلوس في المساجد لتلاوة القرآن ومدارسته، وهذا إن حُمِل على تعلم القرآن وتعليمه، فلا خلاف في استحبابه، وفي "صحيح البخاري" (٣) عن عثمان، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "خيرُكم من تعلَّم القرآن وعلَّمه". قال أبو عبد الرحمن السلمي: فذاك الذي أقعدني مقعدي هذا، وكان قد علم القرآن في زمن عثمان بن عفان حتى بلغ الحجَّاجَ بن يوسف.


(١) رواه من حديث عبد الله بن مسعود مسلم (٢٩٤٩)، وصححه ابن حبان (٦٨٥٠).
(٢) رواه من حديث أنس مسلم (١٤٨)، والترمذي (٢٢٠٧) وصححه ابن حبان (٦٨٤٨) و (٦٨٤٩). وقوله: "وفي الأرض أحد يقول: الله الله" المراد من لفظ الجلالة هنا كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" كما جاء مفسرًا بذلك في رواية ابن حبان وغيره، والمعنى: لا يبقى في الأرض مسلم. وقد جانب الصواب من استنبط من المتأخرين من هذا الحديث مشروعية الذكر بالاسم المفرد، فإنه لم يشرع، لا في كتابٍ ولا سنة ولا هو مأثور عن السلف الصالح من هذه الأمة، والذكر من العبادة فلا مجال للرأي فيه، والذكر ثناء على الله بما هو أهله، وهو لا يكون إلا بجملةٍ تامة يحسن السكوت عليها، مثل: "لا إله إلا الله"، ومثل: "سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر"، ومثل: "لا حول ولا قوة إلا بالله" وغير ذلك مما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) برقم (٥٠٢٧) و (٥٠٢٨)، ورواه أيضًا أحمد ١/ ٥٨، وأبو داود (١٤٥٢)، والترمذي (٢٩٠٧)، وابن ماجه (٢١٢)، وصححه ابن حبان (١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>