للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن حمل على ما هو أعمُّ مِنْ ذلك، دخل فيه الاجتماعُ في المساجد على دراسة القرآن مطلقًا، وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا يأمرُ مَنْ يقرأ القرآن ليستمع قراءته، كما أمر ابن مسعود أن يقرأ عليه، وقال: "إنِّي أُحِبُّ أن أسمعَهُ مِنْ غيري" (١) وكان عمرُ يأمرُ من يقرأُ عليه وعلى أصحابه وهم يسمعون، فتارةً يأمرُ أبا موسى، وتارةً يأمرُ عُقبةَ بن عامر.

وسئل ابن عباس: أيُّ العمل أفضل؟ قال: ذكرُ الله، وما جلس قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتعاطَوْنَ فيه كتابَ الله فيما بينهم ويتدارسونه، إلَّا أظلَّتهم الملائكة بأجنحتها، وكانوا أضياف الله ما داموا على ذلك حتَّى يُفيضوا في حديثٍ غيره. ورُوي مرفوعًا والموقوف أصحُّ.

وروى يزيد الرقاشي عن أنس قال: كانوا إذا صلُّوُا الغداة، قعدوا حِلَقًا حِلَقًا، يقرؤون القرآنَ، ويتعلَّمونَ الفرائضَ والسُّنَن، ويذكرون الله - عزَّ وجلَّ -.

وروى عطية عن أبي سعيد الخدري، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ما مِنْ قومٍ صلَّوا صلاةَ الغداةِ، ثمَّ قعدُوا في مُصلَّاهم، يتعاطَونَ كتابَ اللهِ، ويتدارسونه، إلَّا وكَّلَ الله بهم ملائكةً يستغفرُون لهم حتَّى يخوضوا في حديثٍ غيره" وهذا يدلُّ على استحباب الاجتماع بعد صلاة الغداة لمدارسة القرآن، ولكن عطية فيه ضعف.

وقد روى حربٌ الكرمانيُّ بإسناده عن الأوزاعيِّ أنَّه سُئِلَ عن الدِّراسة بعدَ صلاةِ الصُّبح، فقال: أخبرني حسَّانُ بن عطيَّة أنَّ أوَّلَ من أحدَثها في مسجد دمشقَ هشامُ بن إسماعيل المخزوميُّ في خلافة عبد الملك بن مروان، فأخذ النَّاسُ بذلك.


(١) رواه البخاري (٤٥٨٢)، ومسلم (٨٠٠)، وأبو داود (٣٦٦٨)، والترمذي (٣٠٢٤)، وصححه ابن حبان (٧٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>