وبإسناده عن سعيد بنِ عبد العزيز، وإبراهيم بنِ سليمان: أنَّهما كانا يدرسان القرآن بعد صلاة الصبح ببيروت والأوزاعي في المسجد لا يُغَيِّرُ عليهم.
وذكر حربٌ أنَّه رأى أهلَ دمشق، وأهلَ حمص، وأهلَ مكة، وأهل البصرة يجتمعون على القراءة بعدَ صلاة الصُّبح، لكن أهل الشام يقرؤون القرآن كُلهم جملةً مِنْ سورةٍ واحدةٍ بأصواتٍ عالية، وأهل مكة وأهل البصرة يجتمعون، فيقرأ أحدُهم عشرَ آياتٍ، والنَّاسُ يُنصِتون، ثم يقرأُ آخرُ عشرًا، حتَّى يفرغوا. قال حرب: وكلُّ ذلك حسن جميل.
وقد أنكر ذلك مالكٌ على أهل الشام. قال زيدُ بنُ عبيدٍ الدِّمشقيُّ: قال لي مالكُ بنُ أنسٍ: بلغني أنّكم تجلِسونَ حِلَقًا تقرؤون، فأخبرتُه بما كان يفعلُ أصحابنا، فقال مالك: عندنا كان المهاجرون والأنصار ما نعرِفُ هذا، قال: فقلت: هذا طريف؟ قال: وطريفٌ رجل يقرأ ويجتمعُ الناس حوله، فقال: هذا عن غير رأينا.
قال أبو مصعب وإسحاق بن محمد الفروي: سمعنا مالكَ بن أنسٍ يقول: الاجتماعُ بكرة بعدَ صلاة الفجر لقراءة القرآن بدعةٌ، ما كان أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا العلماء بعدَهم على هذا، كانوا إذا صلَّوا يَخْلوا كلٌّ بنفسه، ويقرأ، ويذكرُ الله - عزَّ وجلَّ -، ثم ينصرفون من غير أن يُكلِّم بعضهم بعضًا، اشتغالًا بذكرِ الله، فهذه كلُّها محدثة.
وقال ابن وهب: سمعت مالكًا يقول: لم تكن القراءةُ في المسجد من أمرِ النَّاسِ القديم، وأوَّلُ من أحدثَ ذلك في المسجد الحجاجُ بن يوسف، قال مالك: وأنا أكره ذلك الذي يقرأ في المسجد في المصحف. وقد روى هذا كلُّه أبو بكر النيسابوري في كتاب "مناقب مالك رحمه الله".
واستدل الأكثرون على استحباب الاجتماع لمدارسة القرآن في الجُملة