للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] (١).

وكذلك يُرجَعُ في الأيمان إلى نيَّةِ الحالِف وما قصدَ بيمينه، فإنْ حَلَفَ بطلاقٍ أو عَتاقٍ، ثم ادَّعى أنَّه نوى ما يُخالِفُ ظاهرَ لفظه، فإنَّه يُدَيَّنُ فيما بينه وبينَ الله عزَّ وجلَّ.

وهل يُقبل منه في ظاهرِ الحُكم؟ فيه قولانِ للعُلماءِ مشهوران، وهما روايتانِ عَنْ أحمَدَ، وقد رُوي عَنْ عمرَ أنَّه رُفعَ إليه رجلٌ قالتْ له امرأته: شبِّهني، قال: كأنَّكِ ظبيةٌ، كأنَّك حمامةٌ، فقالت: لا أرضى حتَّى تقولَ: أنت خلِيَّةٌ طالِقٌ، فقال ذلك، فقال عمر: خذ بيدها فهي امرأتُك. خرَّجه أبو عبيد (٢) وقال: أراد النَّاقةَ تكونُ معقولةً، ثم تُطْلَقُ من عِقالها ويُخلَّى عنها، فهي خَليَّةٌ مِنَ العِقالِ، وهي طالقٌ، لأنَّها قد طَلَقَت منه، فأرادَ الرَّجُلُ ذلك، فأسقطَ عنه عمرُ الطَّلاق لنيَّته. قال: وهذا أصلٌ لكلِّ مَنْ تكلَّم بشيءٍ يُشبه لفظَ الطَّلاق والعَتاق، وهو ينوي غيرَه أن القولَ فيه قولُه فيما بينَه وبينَ الله، وفي الحُكمِ على تأويلِ مذهب عمرَ رضي الله عنه.

ويُروى عن سُمَيطٍ السَّدوسيِّ، قال: خطبتُ امرأةً، فقالوا: لا نزوِّجُكَ حتَّى تُطلِّق امرأتَك، فقلت: إنِّي قد طلَّقتُها ثلاثًا، فزوَّجوني، ثمَّ نظروا، فإذا امرأتي عندي، فقالوا: أليسَ قد طلَّقتها ثلاثًا؟ فقلتُ: كان عندي فلانةٌ فطلقتُها، وفلانةٌ فطلَّقتُها، فأمَّا هذه، فلم أطلِّقْها، فأتيتُ شقيقَ بن ثورٍ وهو يريدُ الخروجَ إلى


(١) روى أبو داود (٣٢٥٤)، وابن حبان من طريق إبراهيم بن الصائغ، قال: سألت عطاء بن أبي رباح عن اللغو في اليمين، فقال: قالت عائشة: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هو كلام الرجل: كلّا واللهِ، وبلى واللهِ".
ورواه مالك ٢/ ٤٧٧، والبخاري (٦٦٦٣) عن عائشة موقوفًا. قال الحافظ في "تلخيص الحبير" ٤/ ١٦٧: وصحح الدّارقطني الوقف.
(٢) في "غريب الحديث" ٣/ ٣٧٩ - ٣٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>