للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهو يقول: لو أنَّ لي مالًا، لعَمِلتُ فيه بعمل فلانٍ فهو بنيته فوِزْرُهما سواءٌ". خرَّجه الإِمام أحمد والترمذي وهذا لفظُه، وابن ماجه (١).

وقد حمل قوله: "فهما في الأجر سواءٌ" على استوائهما في أصلِ أجرِ العمل، دون مضاعفته، فالمضاعفةُ يختصُّ بها من عَمِلَ العمل دونَ من نواه، فلم يعمله، فإنَّهما لو استويا مِنْ كلِّ وجه، لكُتِبَ لمن همَّ بحسنةٍ ولم يعملها عشرُ حسناتٍ، وهو خلافُ النُّصوصِ كلِّها، ويدلُّ على ذلك قوله تعالى: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (٩٥) دَرَجَاتٍ مِنْهُ} [النساء: ٩٥، ٩٦]. قال ابن عباس وغيره: القاعدون المفضَّلُ عليهم المجاهدون درجة همُ القاعدون من أهلِ الأعذار، والقاعدون المفضَّل عليهم المجاهدون درجاتٍ هم القاعدون من غير أهل الأعذار (٢).

النوع الرابع: الهمُّ بالسَّيِّئات من غير عملٍ لها، ففي حديث ابن عباس: أنَّها تُكتب له حسنةً كاملةً، وكذلك في حديث أبي هريرة وأنس وغيرهما: أنَّها تُكتَبُ حسنةً، وفي حديث أبي هريرة قال: "إنَّما تركها مِن جرَّايَ" يعني: من أجلي، وهذا يدلُّ على أنَّ المرادَ مَنْ قَدَرَ على ما همَّ به مِنَ المعصية، فتركه لله تعالى، وهذا لا رَيبَ في أنَّه يُكتَبُ له بذلك حسنة؛ لأنَّ تركه للمعصية بهذا القصد عملٌ صالحٌ.

فأمَّا إن همَّ بمعصية، ثم ترك عملها خوفًا من المخلوقين، أو مراءاةً لهم، فقد قيل: إنَّه يُعاقَبُ على تركها بهذه النيَّة، لأنَّ تقديم خوفِ المخلوقين على خوف الله محرَّم. وكذلك قصدُ الرِّياءِ للمخلوقين محرَّم، فإذا اقترنَ به تركُ


(١) بل هو لفظ الترمذي (٢٣٢٥). ورواه أحمد ٤/ ٢٣٠ و ٢٣١، وابن ماجه (٤٢٢٨)، والطبراني في "الكبير" ٢٢/ (٨٦٨)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وهو كما قال.
(٢) رواه الترمذي (٣٠٣٢)، والطبري في "جامع البيان" (١٠٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>