للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعصية لأجله، عُوقِبَ على هذا الترك. وقد خرَّج أبو نعيم (١) بإسنادٍ ضعيف عن ابن عباس، قال: يا صاحب الذَّنب، لا تأمننَّ سوءَ عاقبته، ولمَا يَتبعُ الذَّنبَ أعظمُ مِنَ الذَّنب إذا عملتَه، وذكر كلامًا، وقال: وخوفُك من الريح إذا حرَّكت سترَ بابك وأنت على الذَّنب، ولا يضطربُ فؤادُك مِن نظرِ الله إليك، أعظمُ مِنَ الذَّنب إذا عملته.

وقال الفضيلُ بنُ عِياض: كانوا يقولون: تركُ العمل للناس رياءٌ، والعمل لهم شرك.

وأمَّا إن سعى في حُصولها بما أمكنه، ثمَّ حالَ بينه وبينها القدرُ، فقد ذكر جماعةٌ أنَّه يُعاقَب عليها حينئذٍ لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله تجاوز لأمَّتي عمَّا حدَّثت به أنفُسَها، ما لم تكلَّمْ به أو تعمل" (٢) ومن سعى في حُصول المعصية جَهدَه، ثمَّ عجز عنها، فقد عَمِل، وكذلك قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتِلُ والمقتولُ في النَّار"، قالوا: يا رسول الله، هذا القاتلُ، فما بالُ المقتول؟! قال: "إنَّه كان حريصًا على قتل صاحبه" (٣).

وقوله: "ما لم تكلَّم به، أو تعمل" يدُلُّ على أنَّ الهامَّ بالمعصية إذا تكلَّم بما همَّ به بلسانه أنَّه يُعاقَبُ على الهمِّ حينئذٍ، لأنه قد عَمِل بجوارحِه معصيةً، وهو التَّكلُّمُ باللِّسانِ، ويدلُّ على ذلك حديث الذي قال: "لو أنَّ لي مالًا،


(١) في "الحلية" ١/ ٣٢٤.
(٢) رواه من حديث أبي هريرة البخاري (٢٥٢٨) و (٢٥٢٩) و (٦٦٦٤)، ومسلم (١٢٧)، وأبو داود (٢٢٠٩)، والترمذي (١١٨٣)، والنسائي ٦/ ١٥٦ - ١٥٧، وابن ماجه (٢٠٤٠) و (٢٠٤٤).
(٣) رواه من حديث أبي بكرة البخاري (٣١) و (٦٨٧٥) و (٧٠٨٣) ومسلم (٢٨٨٨)، وأبو داود (٤٢٦٨)، والنسائي ٧/ ١٢٥، وابن ماجه (٣٩٦٥)، وصححه ابن حبان (٥٩٤٥) و (٥٩٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>