للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى أنَّ مَنْ أعرض عن حبنا، وتولى عن قربنا، لم نبال، واستبدلنا به من هو أولى بهذه المنحة منه وأحقُّ، فمن أعرضَ عنِ الله، فما له مِنَ الله بَدَلٌ، ولله منه أبدال.

ما لي شُغل سِواه ما لي شُغلُ … ما يَصرِفْ عن هواه قلبي عذلُ (١)

ما أصنعُ إن جفا وخابَ الأملُ … مِنِّي بدل ومنه ما لي بدلُ

وفي بعض الآثار يقول الله - عزَّ وجلَّ -: "ابنَ آدم، اطلبني تجدني، فإن وجدتني، وجدتَ كُلَّ شيء، وإن فُتُّكَ، فاتك كُلُّ شيءٍ، وأنا أَحَبُّ إليك من كُلِّ شيءٍ".

كان ذو النون يردّد هذه الأبيات بالليل كثيرًا:

اطلبوا لأنفسكم … مثل ما وَجَدْتُ أنا

قد وجدت لي سكَنًا … ليس في هواه عَنَا

إنْ بَعَدْتُ قرَّبَنِي .... أو قَرُبْتُ مِنه دَنا (٢)

من فاته الله، فلو حصلت له الجنةُ بحذافيرها، لكان مغبونًا، فكيف إذا لم يحصل له إلَّا نزرٌ يسيرٌ حقيرٌ من دارٍ كلّها لا تَعدِلُ جَناحَ بعوضةٍ:

مَنْ فَاتَهُ أَنْ يَراكَ يَومًا … فَكُلُّ أوقاتِهِ فَواتُ

وحَيثُما كنتُ من بِلادٍ … فَلِي إلى وَجْهِكَ التِفَاتُ

ثم ذكر أوصاف الذين يُحبهم الله ويُحبُّونه، فقال: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}،


(١) الشعر من الدوبيت، وهو من فنون الشعر المعربة الخارجة عن وزن أو تركيب البحور الستة عشر المعروفة، ودُوبَيْت مركبة من كلمتين، معنى الأول منهما: اثنان، وثانيتهما بمعناها العربي، ولا يقال فيه إلا بيتان في أي معنى يريده الناظم، ولا يجوز فيه اللحن.
(٢) الأبيات في "الحلية" ٩/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>