الرواية عن أحمد الخلالُ، وقال: هي سهو من ناقلها، وهو قولُ الشافعي في أحد قوليه، وإسحاق، وأبي ثور، وابن أبي شيبة، ورُوي عن عطاء، قال إسحاق: ويُستحلف أنَّه كان ناسيًا ليمينه.
والثاني: يحنث بكلِّ حال، وهو قولُ جماعة مِن السَّلف ومالك.
والثالث: يفرق بين أن يكونَ يمينُه بطلاقٍ أو عتاقٍ، أو بغيرهما، وهو المشهورُ عن أحمد، وقول أبي عُبيدٍ، وكذا قال الأوزاعيُّ في الطلاق، وقال: إنَّما الحديثُ الذي جاء في العفو عن الخطأ والنسيان ما دام ناسيًا، وأقام على امرأته، فلا إثم عليه، فإذا ذكر، فعليه اعتزالُ امرأته، فإنَّ نسيانَه قد زال. وحكى إبراهيم الحربي إجماعَ التابعين على وقوع الطلاق بالناسي.
ولو قتل مؤمنًا خطأً، فإن عليه الكفَّارةَ والدِّيَة بنصِّ الكتاب، وكذا لو أتلف مالَ غيره خطأً يظنُّه أنَّه مالُ نفسه.
وكذا قال الجمهورُ في المُحرِم يقتل الصَّيدَ خطأً، أو ناسيًا لإِحرامه أن عليه جزاءَه، ومنهم من قال: لا جزاءَ عليه إلَّا أن يكونَ متعمدًا لقتله تمسُّكًا بظاهر قوله عز وجل: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} الآية [المائدة: ٩٥]، وهو رواية عن أحمد، وأجاب الجمهورُ عن الآية بأنَّه رتَّب على قتله متعمدًا الجزاء وانتقامَ الله تعالى، ومجموعُهما يختصُّ بالعامد، وإذا انتفى العمدُ، انتفى الانتقامُ، وبقي الجزاءُ ثابتًا بدليل آخر.
والأظهر - والله أعلم - أن الناسي والمخطئ إنَّما عُفي عنهما بمعنى رفع الإِثم عنهما، لأنَّ الإِثم مرتَّبٌ على المقاصد والنيَّات، والناسي والمخطئ لا قصدَ لهما، فلا إثم عليهما، وأمَّا رفعُ الأحكام عنهما، فليس مرادًا منْ هذه النصوص، فيحتاج في ثبوتها ونفيها إلى دليلٍ آخر.