للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومَثلُ الدُّنيا، كقوم سلكوا مفازةً غبراءَ، حتَّى إذا لم يَدْرُوا ما سلكوا منها أكثر، أو ما بقي، أنفدُوا الزَّادَ، وحَسَروا الظَّهر، وبقُوا بين ظهراني المفازة لا زادَ ولا حَمُولة، فأيقنوا بالهَلَكة، فبينما هم كذلك، إذ خرج عليهم رجلٌ في حُلَّةٍ يقطُرُ رأسُه، فقالوا: إن هذا قريبُ عهدٍ بريفٍ، وما جاءكم هذا إلَّا من قريبٍ، فلما انتهى إليهم، قال: علام أنتم؟ قالوا: على ما ترى، قال: أرأيتُكم إنْ هديتُكم إلى ماءٍ رِواء، ورياضٍ خُضر، ما تعملون؟ قالوا: لا نعصيك شيئًا، قال: عُهودَكم ومواثيقَكم بالله، قال: فأَعْطَوهُ عهودَهُم ومواثيقهُم بالله لا يَعصُونَهُ شيئًا، قال: فأوردهم ماءً، ورياضًا خُضرًا، فمكث فيهم ما شاء الله، ثم قال: يا هؤلاء الرحيلَ، قالوا: إلى أين؟ قال: إلى ماءٍ ليس كمائكم، وإلى رياضٍ ليست كرياضِكُم، فقال جُلُّ القوم - وهم أكثرهم -: والله ما وجدنا هذا حتَّى ظننَّا أن لن نَجِدَهُ، وما نصنع بعيشٍ خيرٍ من هذا؟ وقالت طائفة - وهم أقلُّهم -: ألم تُعطوا هذا الرَّجُلَ عهودكم ومواثيقكم بالله لا تَعصونه شيئًا وقد صدقكم في أوَّل حديثه، فوالله ليصدقنَّكم في آخره، قال: فراح فيمن اتبعه، وتخلَّف بقيتهم، فنذر بهم عدوٌّ، فأصبحوا من بين أسيرٍ وقتيل" خرَّجه ابنُ أبي الدُّنيا (١)، وخرَّجه الإِمام أحمد من حديث عليّ بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مِهران، عن ابن عباس، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بمعناه مختصرًا (٢).


(١) ورواه ابن المبارك في "الزهد" (٥٠٧) قال: بلغنا عن الحسن أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - …
وفي "ذم الدُّنيا" (٨٨) من طريق روح بن عبادة، أخبرنا هشام بن حسان، عن الحسن قال: بلغني … ، وهذا مرسل.
(٢) رواه أحمد ١/ ٢٦٧، والطبراني في "الكبير" (١٢٩٤٠)، والبزار (٢٤٠٧). وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف، ومع ذلك فقد حسنه الحافظان: الهيثمي في "المجمع" ٨/ ٢٦٠، والعراقي في "تخريج الإِحياء" ٣/ ٢١٨!

<<  <  ج: ص:  >  >>