للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذا البيت الثاني أخذه مما روي عن أبي الدرداء والحسن أنهما قالا: ابنَ آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطتَ من بطن أمك، ومما أنشد بعضُ السلف:

إنَّا لنفرحُ بالأيَّامِ نقطعُها … وكُلُّ يومٍ مضى يُدني من الأجل

فاعمَلْ لِنَفسكَ قبلَ الموتِ مُجتهدًا … فإنَّما الرِّبْحُ والخُسرانُ في العَمَلِ

قوله: "وخُذْ من صحتك لسقمك، ومن حياتك لموتك"، يعني: اغتنم الأعمال الصالحة في الصحة قبل أن يحولَ بينك وبينها السقمُ، وفي الحياة قبل أن يحول بينك وبينها الموتُ، وفي رواية: "فإنَّك يا عبدَ الله لا تدري ما اسمُك غدًا" يعني: لعلَّك غدًا مِنَ الأموات دونَ الأحياء.

وقد رُوي معنى هذه الوصيةِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من وجوه، ففي "صحيح البخاري" (١) عن ابن عباس، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاس: الصِّحَّةُ والفراغ".

وفي "صحيح الحاكم" (٢) عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل وهو يَعِظُه: "اغتنم خمسًا قبلَ خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصحَّتَك قبل سَقَمك، وغِناك قبل فقرِك، وفراغَكَ قبلَ شغلك، وحياتَك قبل موتك".

وقال غنيم بن قيس: كنا نتواعظُ في أوَّل الإِسلام: ابنَ آدم، اعمل في فراغك قبل شُغلك، وفي شبابك لكبرك، وفي صحتك لمرضك، وفي دنياك


(١) برقم (٦٤١٢).
(٢) ٤/ ٣٠٦، وصححه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وله شاهد عن عمرو بن ميمون مرسلًا عند ابن المبارك في "الزهد" (٢) وأبي نعيم في "الحلية" ٤/ ١٤٨، والخطيب في "اقتضاء العلم العمل" (١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>