يا ربِّ إن عَظُمَت ذُنوبي كَثرةً … فلقَد علِمتُ بأنَّ عَفوكَ أعظَمُ
إن كان لا يرجوك إلا مُحسنٌ … فمَن الذي يَرجو ويدعُو المُجرِمُ
ما لي إليك وسيلةٌ إلَّا الرجا … وجَميلُ عفوك ثم أنِّي مُسلِمُ
السبب الثاني للمغفرة: الاستغفار، ولو عظُمت الذُّنوب، وبلغت الكثرة عَنان السماء، وهو السحاب. وقيل: ما انتهى إليه البصر منها، وفي الرواية الأخرى:"لو أخطأتُم حتَّى بلغت خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم الله لغَفر لكم"، والاستغفارُ: طلبُ المغفرة، والمغفرة: هي وقاية شرِّ الذُّنوب مع سترها.
وقد كثر في القرآن ذكرُ الاستغفار، فتارةً يؤمر به، كقوله تعالى:{وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة: ١٩٩]، وقوله:{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}[هود: ٣].
وتارةً يذكر أن الله يغفر لمن استغفره، كقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}[النساء: ١١٠].
وكثيرًا ما يُقرن الاستغفارُ بذكر التوبة، فيكون الاستغفارُ حينئذٍ عبارةً عن طلب المغفرة باللسان، والتوبة عبارة عن الإِقلاع عن الذُّنوب بالقلوب والجوارح.
(١) هو أبو نواس أيضًا، والأبيات في "ديوانه" ص ٦١٨.