به بحالٍ حتى يكونَ له فحلٌ يدرُّ اللبن من رضاعه. وحُكي للشَّافعيِّ قولٌ مثله.
ولو انقطع نسبه من جهة صاحب اللبن، كولد الزِّنى، فهل تَنْتَشر الحرمة إلى الزاني صاحب اللبن؟ هذا ينبني على أنَّ البنتَ من الزنى هل تحرم على الزَّاني؟ ومذهبُ أبي حنيفة وأحمد ومالك في رواية عنه تحريمها عليه خلافًا للشافعي، وبالغ الإمام أحمد في الإنكار على من خالف في ذلك، فعلى قولهم: هل ينتشر التَّحريمُ إلى الزاني صاحب اللبن، فيكون أبًا للمرتضع أم لا؟ فيه قولان هما وجهان لأصحابنا، واختار ابنُ حامد أنَّ التحريمَ لا ينتشرُ إليه، واختار أبو بكر، والقاضي أبو يعلى أن التَّحريم ينتشرُ إلى الزاني، وهو نصُّ أحمد، وحكاه عن ابن عباس، وهو قول إسحاق بن راهويه، نقله عنه حرب.
وينتشرُ التحريمُ بالرضاع إلى ما حَرُمَ بالنَّسب مع الصهر: إمَّا من جهة نسب الرجل، كامرأة أبيه وابنه، أو من جهة نسب الزوجة، كأمها وابنتها، وإلى ما حرم جمعه لأجل نسب المرأة أيضًا، كالجمع بين الأختين والمرأة وعمتها أو خالتها، فيحرم ذلك كلُّه من الرضاع كما يحرم من النسب، لدخوله في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَحرُمُ مِن الرضاع ما يَحرُمُ من النَّسب". وتحريم هذا كلِّه للنسب، فبعضه لنسب الزوج، وبعضه لنسب الزوجة، وقد نصَّ على ذلك أئمة السلف، ولا يُعلم بينهم فيه اختلافٌ، ونصَّ عليه الإمام أحمد، واستدل بعموم قوله:"يَحرُمُ من الرضاعِ ما يَحرمُ مِن النسب".
وأمَّا قوله عزَّ وجلَّ:{وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}[النساء: ٢٣]، فقالوا: لم يُرِدْ بذلك أنَّه لا يحرم حلائل الأبناء من الرضاع، إنما أراد إخراجَ حلائل الذين تُبُنُّوا، ولم يكونوا أبناءً من النَّسب كما تزوَّج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - زوجةَ زيد بن حارثة بعد أن كان قد تبنَّاه.
وهذا التحريمُ بالرضاع يختصُّ بالمرتضع نفسه، وينتشر إلى أولاده، ولا ينتشر تحريمُه إلى من في درجة المرتصع من إخوته وأخواته، ولا إلى من هو