للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعلى منه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته، فتُباحُ المرضعة نفسها لأبي المرتضع مِنَ النَّسب ولأخيه، وتباح أمُّ المرتضع من النسب وأخته منه لأبي المرتضع من الرضاع ولأخيه. هذا قولُ جمهور العلماء، وقالوا: يُباح أن يتزوَّج أختَ أخيه من الرَّضاعة، وأخت ابنته من الرضاعة، حتى قال الشعبي: هي أحلُّ من ماء قَدَس (١)، وصرَّح بإباحتها حبيبُ بن أبي ثابت وأحمد.

وروى أشعث عن الحسن أنه كره أن يتزوَّج الرجل بنتَ ظِئر ابنه، ويقول: أخت ابنه، ولم ير بأسًا أن يتزوَّج أمها، يعني: ظئر ابنه، وروى سليمان التيمي عن الحسن أنه سئل عن الرجل يتزوج أخت أخيه من الرضاعة، فلم يقل فيه شيئًا، وهذا يقتضي توقُّفَه فيه، ولعلَّ الحسن إنما كان يكره ذلك تنزيهًا، لا تحريمًا، لمشابهته للمحرم بالنسب في الاسم، وهذا بمجرَّده لا يُوجِبُ تحريمًا.

وقد استثنى كثيرٌ من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم مما يحرم من النسب صورتين، فقالوا: لا يحرم نظيرُهما مِنَ الرَّضاع:

إحداهما: أمُّ الأخت، فتحرم مِنَ النَّسب، ولا تحرم من الرضاع.

والثانية: أخت الابن، فتحرم من النسب دونَ الرضاع، ولا حاجة إلى استثناء هذين، ولا أحدهما.

أما أمُّ الأخت، فإنما تحرم من النسب، لكونها أمًا أو زوجةَ أب، لا لمجرَّد كونها أم أخت، فلا يُعلق التحريم بما لم يُعلقه الله به، وحينئذ، فيوجد في الرضاع من هي أم أخت ليست أمًا ولا زوجة أب، فلا تحرم، لأنها ليست نظيرًا لذاتِ النسب، وأما أخت الابن، فإن الله تعالى إنما حرَّم الربيبة المدخول بأمها، فتحرم لكونها ربيبة دُخِلَ بأمها، لا لكونها أخت ابنه، والدخول في


(١) ماء قدس: بحيرة كانت قرب حمص، منها يخرج نهر العاصي، انظر "معجم البلدان" لياقوت ١/ ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>