وعلى جَنَبتَي الصِّراط سُورانِ، فيهما أبوابٌ مفتَّحَةٌ، وعلى الأبواب ستورٌ مُرخاةٌ، وعلى باب الصِّراط داعٍ يقول: يا أيُّها النَّاس، ادخُلوا الصِّراطَ جميعًا، ولا تعوجوا، وداعٍ يدعو من جَوفِ الصِّراطِ، فإذا أرادَ أنْ يفتحَ شيئًا مِنْ تِلكَ الأبواب، قال: ويحكَ لا تَفتَحْهُ، فإنَّك إنْ تفتحه تَلِجْهُ. والصِّراطُ: الإسلامُ، والسُّورَانِ: حدودُ اللهِ، والأبوابُ المُفتَّحةُ: محارمُ اللهِ، وذلك الدَّاعي على رأس الصِّراط: كتابُ اللهِ، والدَّاعي من فوق: واعظُ اللهِ في قلب كلِّ مسلمٍ". زاد الترمذيُّ:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[يونس: ٢٥].
ففي هذا المثلِ الَّذي ضربه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن الإِسلامَ هو الصِّراطُ المستقيم الَّذي أمرَ الله تعالى بالاستقامةِ عليه، ونهى عن تجاوُزِ حدوده، وأنَّ مَنِ ارتكبَ شيئًا مِنَ المحرَّماتِ، فقد تعدَّى حدودَه.
وأمَّا الإيمانُ، فقد فسَّره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بالاعتقادات الباطنَة، فقال: "أنْ تُؤمِن باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِهِ، ورُسلِهِ، والبعثِ بعدَ الموتِ، وتُؤمِنَ بالقدرِ خيرِهِ وشرِّه".
وقد ذكرَ الله في كتابه الإيمانَ بهذه الأصولِ الخمسةِ في مواضع، كقوله تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}[البقرة: ٢٨٥]. وقال تعالى:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} الآية [البقرة: ١٧٧]، وقال تعَالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: ٣، ٤].
والإيمان بالرُّسُلِ يلزمُ منهُ الإيمانُ بجميعِ ما أخبرُوا به من المَلائكةِ،