للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسكر حرام" (١).

وإلى هذا القول ذهب جمهورُ علماء المسلمين مِنَ الصَّحابة والتابعين ومن بعدهم من عُلماء الأمصار، وهو مذهبُ مالك والشافعي والليث والأوزاعي وأحمد وإسحاق ومحمد بن الحسن وغيرهم، وهو ممَّا اجتمع على القول به أهلُ المدينة كلهم.

وخالف فيه طوائفُ مِنْ عُلماء أهل الكوفة، وقالوا: إنَّ الخمرَ إنَّما هي خمرُ العنب خاصَّةً، وما عداها، فإنما يحرم منه القدرُ الذي يُسكر، ولا يحرم ما دُونَه، وما زال علماءُ الأمصار يُنكرون ذلك عليهم، وإن كانوا في ذلك مجتهدين مغفورًا لهم، وفيهم خَلق مِنْ أئمَّة العلمِ والدين. قال ابنُ المبارك: ما وجدتُ في النبيذ رخصةً عن أحد صَحيح إلا عن إبراهيم، يعني النخعي (٢)، وكذلك أنكر الإمامُ أحمد أن يكونَ فيه شيءٌ يصحُّ، وقد صنف كتاب "الأشربة" ولم يذكر فيه شيئًا من الرخصة، وصنَّف كتابًا في المسح على الخفين، وذكر فيه عن بعض السلف إنكاره، فقيل له: كيف لم تجعل في كتاب الأشربة الرخصة كما جعلت في المسح؟ فقال: ليس في الرخصة في المسكر حديثٌ صحيح.

ومما يدلُّ على أن كُلَّ مسكر خمر أن تحريم الخمر إنما نزل بالمدينة بسبب سؤال أهل المدينة عمَّا عندهم من الأشربة، ولم يكن بها خمرُ العنب، فلو لم


= طعن في هذا الحديث - قال: هذا الكلام كله لم أجده في شيء من كتب الحديث، والله أعلم. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ١٠/ ٤٤: أسند أبو جعفر النحاس عن يحيى بن معين أن حديث عائشة "كل شراب أسكر فهو حرام" أصح شيء في الباب. وفي هذا تعقب على من نقل عن ابن معين أنه قال: لا أصل له، ثم ذكر قول الزيلعي السابق.
(١) رواه مسلم (٢٠٠٢)، والنسائي ٨/ ٣٢٧.
(٢) رواه عنه النسائي ٨/ ٣٣٥، بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>