للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: لا، قلت: المشتاق يشبع؟ قال: لا.

وعن رياح القيسي أنه قُرِّبَ إليه طعامٌ، فأكل منه، فقيل له: ازدد فما أراك شبعتَ، فصاح صيحة وقال: كيف أَشبَعُ أيامَ الدنيا وشجرةُ الزقوم طعامُ الأثيم بين يدي؟ فرفع الرجلُ الطعام من بين يديه، وقال: أنت في شيء ونحن في شيء (١).

قال المروذي: قال لي رجل: كيف ذاك المتنعمُ؟ يعني أحمد، قلتُ له: وكيف هو متنعم؟ قال: أليس يجد خبزًا يأكل، وله امرأة يسكن إليه ويطؤها، فذكرتُ ذلك لأبي عبد الله، فقال: صدق، وجعل يسترجِعُ، وقال: إنا لنشبع.

وقال بشر بنُ الحارث: ما شبعت منذ خمسينَ سنة، وقال: ما ينبغي للرجل أن يشبع اليوم مِن الحلال، لأنه إذا شبع من الحلال، دعته نفسُه إلى الحرام، فكيف من هذه الأقذار؟

وعن إبراهيم بن أدهم قال: من ضبط بطنه، ضبط دينَه، ومن ملك جُوعَه، ملك الأخلاق الصالحة، وإن معصية الله بعيدةٌ من الجائع، قريبةٌ من الشبعان، والشبعُ يميت القلبَ، ومنه يكونُ الفرحُ والمرح والضحك.

وقال ثابت البناني: بلغنا أنَّ إبليس ظهر ليحيى بن زكريا عليهما السَّلام، فرأى عليه معاليق من كلِّ شيءٍ، فقال له يحيى: يا إبليس، ما هذه المعاليقُ التي أرى عليك؟ قال: هذه الشهواتُ التي أُصيبُ من بني آدم، قال: فهل لي فيها شيءٌ؟ قال: ربما شبعت، فثقَّلناك عن الصَّلاة وعن الذِّكر، قال: فهل غيرُ هذا؟ قال: لا، قال: لله عليَّ أن لا أملأ بطني من طعامَ أبدًا، قال: فقال إبليس: ولله عليَّ أن لا أنصحَ مسلمًا أبدًا (٢).


(١) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٦/ ١٩٤.
(٢) "الحلية" ٢/ ٣٢٨ - ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>