فوثب كعب يلبي النداء، فهبت عروسه وتعلقت بطرف ثوبه وأخذت تناشده أن لا ينزل من حصنه، وتقول له: يا كعب، إنك امرؤ محارب، وإن أصحاب الحرب لا ينزلون في مثل هذه الساعة.
قال كعب: إنه أخي أبو نائلة، لو عرف أني نائم ما أيقظني.
قالت، وهي لا تزال تتشبث بطرف ثوبه: والله إني لأسمع صوتاً كأنه يقطر منه الدم!
قال: قلت لك إنه رضيعي أبو نائلة وابن أختي محمد بن مسلمة.
قالت: والله إني لأشعر أن في صوته شراً.
نظر إليها مبتسماً، ثم قال مدلاً بفتوته، معتزاً ببطولته دعيني، لو دعي الفتى لطعنة لأجاب.
وسحب طرف ثوبه من يدها برفق، ثم نزل من حصنه، واستقبلته الجماعة بالترحاب، وساروا معاً يتجاذبون أطراف الحديث، ويذكرون ما أصابهم بعد مجيء محمد، ويسألونه أن يبيعهم. . . وكعب لا يفتأ يذم لهم النبي ومن آمن معه، ويذكر لهم ما جرّه
على يثرب من بلاء، ويقول: حتى يثرب ما عادت تسمى باسمها القديم، فقد أخذ أصحابه يسمونها مدينة الرسول، وهو كما سمعت يسميها طيبة وطابة.